
يعالجان الهندسة المعمارية.. فيلم “ميجالبوليس” و “ذي بروتاليست”و مغامرة هوليود في انتاجهما
نوهت صحيفة ذي دالاس مورننج نيوز بفيلم “ميجالبوليس” للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، وفيلم “ذي بروتاليست” من إخراج برادي كوربت.
واسم هذا الفيلم يشير إلى مدرسة معمارية ظهرت في بريطانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لا تأبه بالنواحي الجمالية ولكن بالاتجهات العملية التي تنادي بتشييد المباني بشكل سريع لتعويض ما تهدم منها أثناء الحرب.
غير أنه ومع ذلك فالفيلمان يختلفان عن بعضهما إلى حد كبير في النغمة والمضمون، وإن كانا يدوران حول مهندس عبقري مفترض في عالم المعمار، يمنح العالم رؤيته المبدعة والمهيبة.
فسيزار كاتالينا (آدم درايفر) هو المهندس المعماري المسؤول عن التخطيط العمراني في مدينة ميغالوبوليس. هو ليس معماريا فقط، ولكنه عالم ومبتكر ومجدد، وهو صاحب اختراع مادة الميغالون، التي حاز جائزة نوبل لابتكارها. مادة الميغالون تلك ذات مرونة وصلابة عالية في آن، ويمكن استخدامها لتطوير المدينة عمرانيا وجماليا، بما يخدم مصالح الناس.
مع فيلم “ميجالبوليس” للمخرج كوبولا تتجسد شخصية المعماري في بطل الفيلم سيزار كاتيلينا، رئيس هيئة التصميم في وكالة خيالية، (يوصف الفيلم بأنه قصة خيالية يتم فيها نقل الجمهورية الرومانية القديمة إلى مدينة نيويورك الحديثة)، وصمم كوبولا بوعي شخصية كاتيلينا على غرار روبرت موسى المعماري الرئيسي سيء السمعة في تشييد مدينة نيويورك، ومنحه قوى خارقة بحيث يمكنه إيقاف الزمن على سبيل المثال.
في أحد مشاهد الفيلم يقف سيزار على لوح فولاذي يمثل جزءا من هيكل ناطحة سحاب، بل إنه وحبيبته يتنقلان من لوح إلى آخر على ارتفاع شاهق دون السقوط، بل إنها تطلب من سيزار أن يوقف الزمن فيوقفه.
وهذا تحديدا ما يفعله كوبولا مع المشاهد أثناء الفيلم، فهو ينقلنا من ذروة إلى أخرى ومن مشهد مجنون إلى آخر ولا يطلب منا إلا الإصغاء لفلسفته ورؤيته، علنا نوقف الزمن عن الدوران كما فعل سيزار.
في حين أن فيلم، “ذي بروتاليست”، ستشكل كنيسة دير سانت جون في ولاية مينيسوتا الأميركية مصدر إلهام للفيلم، الذي يخوض السباق إلى جائزة الأوسكار لأفضل فيلم.
الكنيسة في الفيلم، عبارة عن مبنى خرساني ضخم يقع في السهول الثلجية في شمال الولايات المتحدة، يتقدمه برج جرس أعلى منه ومسطّح، وفقا لوكالة «فرانس برس».
وفي الفيلم، معماريون بارزون ورعاة طموحون أطرافا معنيين بمشروع المبنى الذي ترافق تشييده مع خلافات في شأن تفاصيل معمارية عَكَسَتها تطورات حبكة الفيلم، الذي يؤدي فيه أدريان برودي دور مهندس معماري مجري نجا من الهولوكوست، ويطلق مشروع بناء ضخم في الولايات المتحدة.
وزار مخرج «ذي بروتاليست»، برايدي كوربت، الموقع بوصفه مصدر إلهام رئيسيا لفيلمه الروائي، واستشهد بكتاب لهيلاري ثيميش التي عملت مع الأب دوورشاك في عملية تلزيم بناء الكنيسة.
يظهر وفق نقاد سينمائيين، التشابه بين القصتين واضحًا، إذ يتولى مهندس معماري يهودي تصميم مبنى مسيحي ضخم على قمة تلة أميركية على طراز حداثي مثير للجدل. وفي الفيلم، تتصاعد التوترات عندما يسلم الزبون جزءًا من المبنى لشخص آخر.
أما بالنسبة لدير سانت جون، فقد أبدى مارسيل بروير أسفه العميق لأن الرهبان كلفوا فنانًا آخر بإنشاء النوافذ الزجاجية الملونة.
ومع أن الخلاف ينتهي بشكل دراماتيكي في الفيلم، فإن مارسيل بروير وبالدوين دوورشاك بقيا على علاقة جيدة.
ورأى خبراء أن الفيلم قد يلقي ضوءا جديدا على هذه الكنيسة.
وقال المهندس المعماري روبرت ماكارتر الذي أصدر كتابا عن هذا الموضوع: «أعتقد أن مارسيل بروير أصبح منسيا». وأضاف: «يعتقد كثر وأنا منهم أن كنيسة سانت جون هي أعظم أعماله على الإطلاق».
لكن المبنى آخذ في التقادم، لذا يأمل الرهبان الذين يديرونه اليوم أن يساعد الفيلم في جمع الأموال، لتدفئة الكنيسة الكبيرة في الشتاء وتبريدها بالصيف.
انعكست طموحات المخرجين والموضوعات التي تناولاها في طول مدة عرض الفيلمين، التي بلغت لهما مجتمعين 353 دقيقة، وكأنها ترصد فترة تشييد مبنى.
وهذا البطء في العرض قد يكون هو الشيء الوحيد الذي يكون الفيلمان على صواب فيه في ما يتعلق بالهندسة المعمارية وبناء المدن، وفي معظم الأفلام التي تتناول هذا الموضوع يتم طرح الأفكار القديمة والصور النمطية، التي قد تفيد الأغراض الدرامية ولكنها لا تعكس الطريقة التي نفكر بها تجاه المعمار والتخطيط الحضري اليوم.
اغتبر نقاد في السينما، أنه من النادر أن يتخذ فيلم بارز من إنتاج هوليوود من الهندسة المعمارية موضوعا رئيسيا يدور حوله، وفي هذا الخريف، الذي يعد موسما لأفلام الأوسكار، تتاح لنا الفرصة لأن نشاهد فيلمين يتناولان هذا الموضوع، وكل منهما من صنع مخرج متميز وشهير.
المصدر: وسائل إعلام وإعلام إلكتروني