
تفجرت مؤخراً فضيحة مدوية هزت قطاع استيراد الأغنام، بعدما كشف محمد الذهبي، الكاتب العام للاتحاد المقاولات والمهن، عن معطيات صادمة تتعلق بإدخال أغنام مصابة بالطاعون من رومانيا، مما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف المستوردين والمهنيين.
فبينما كان الهدف من هذه العملية هو تعزيز العرض المحلي، تحولت إلى كارثة صحية واقتصادية بسبب غياب الرقابة الفعالة والإجراءات الوقائية اللازمة.
بحسب الذهبي، فإن استيراد هذه الأغنام تم رغم الوضع الصحي المقلق في رومانيا، حيث تفشى الطاعون بين القطيع هناك، و نتيجة لذلك، تعرضت أعداد كبيرة من هذه الأغنام إلى النفوق بعد وصولها إلى البلاد، مما كبّد المستوردين خسائر مالية جسيمة، خاصة في ظل عدم تمكنهم من استرداد حقوقهم من المزودين الرومانيين بسبب غياب شهادات طبية رسمية تؤكد إصابة القطيع المستورد بالمرض.
وقد حمّل المهنيون المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية مسؤولية هذا الإهمال، إذ لم يقدّم لهم الوثائق اللازمة التي تتيح لهم المطالبة بالتعويضات، ما جعلهم في مواجهة أزمة مالية خانقة دون أي سند قانوني.
إلى جانب تداعيات الطاعون، برزت مشكلة أخرى لا تقل خطورة، تتمثل في المضاربة غير المشروعة التي استغلها بعض التجار لتحقيق مكاسب سريعة على حساب المستهلكين، و بدلاً من أن يتم التعامل مع الأزمة بجدية، لجأ عدد من المضاربين إلى شراء الأغنام المريضة من المستوردين بأسعار منخفضة، ثم تخزينها لبيعها لاحقاً بأسعار مضاعفة، خصوصاً مع اقتراب عيد الأضحى، مما تسبب في ارتفاع غير مبرر للأسعار في الأسواق.
المفارقة أن المستوردين والمنظمات المهنية لا يمتلكون أي آليات رقابية تمكنهم من فضح هذه الممارسات أو الحد منها، بينما تبقى الحكومة الجهة الوحيدة القادرة على تتبع المتلاعبين بسوق الأغنام واتخاذ إجراءات قانونية صارمة لحماية المهنيين والمستهلكين على حد سواء.
ورغم خطورة الوضع، إلا أن التحرك الرسمي ما زال دون المستوى المطلوب، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى جاهزية المنظومة الرقابية للتعامل مع أزمات مماثلة في المستقبل.
و تُعيد هذه الفضيحة فتح النقاش حول مدى فاعلية الإجراءات الصحية والرقابية المطبقة في استيراد المنتجات الحيوانية، ومدى قدرة السلطات المختصة على التصدي لأي اختلالات قد تهدد الصحة العامة والاقتصاد الوطني.
فهل ستتم مراجعة سياسات الاستيراد لحماية السوق من الكوارث الصحية والمالية، أم أن هذه القضية ستظل مجرد رقم جديد في قائمة الأزمات التي تُطوى دون حلول حقيقية؟