
وجه كل من نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ومحمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، شكاوي إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، بعد بث فيديو دعائي ترويجي للمنتخب الوطني المغربي في إطار الاستعدادات لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، وهو ما اعتبراه تجاوزاً غير مقبول لحياد الإعلام العام وتوظيفه لأغراض انتخابية.
في رسالته إلى رئيسة “الهاكا” لطيفة أخرباش، أشار بنعبد الله إلى أن الفيديو الذي بثته القناة الثانية “دوزيم” يعد خرقاً واضحاً للقوانين المنظمة للاتصال السمعي البصري، تحديداً تلك المتعلقة بالحياد السياسي، وأوضح أن الفيديو الذي تم تداوله عبر القناة ووسائل الإنترنت، حيث يروج لما أسماه “إنجازات حكومية” ويخلط بين المفهوم المؤسساتي والترويج السياسي، معتبراً أن هذه المواد تحمل إشارات واضحة إلى دعم الحكومة الحالية وتمرير رسالة تدعو إلى استمرارها حتى انتخابات 2026.
وأشار بنعبد الله إلى أن الفيديو الذي بلغت مدته نحو دقيقتين وعشرين ثانية، يبرز بشكل غامض “إنجازات” حكومية في مجالات عدة مثل التعليم والإسكان وبرامج الدعم الاجتماعي، لكنه شدد على أن هذه “الإنجازات” تحمل تبايناً في التقييم بين الحكومة والمعارضة، بل ورأى أن بعضها يفتقر إلى التفعيل الفعلي والمصداقية، مستشهداً بتقارير مؤسسات وطنية مستقلة تعكس الواقع الصعب لهذه البرامج.
وأبرز بنعبد الله أن الفيديو الذي يتطرق إلى “إنجازات” الحكومة يحمل في طياته دعوة مبطنة للمواطنين للتصويت للأغلبية الحالية في الانتخابات المقبلة، وهو ما يعد استغلالاً غير مبرر للمال العام في أغراض انتخابية ضيقة، واعتبر أن الفيديو يتلاعب بالرموز الوطنية المشتركة التي تعبر عن الهوية الجماعية للمغاربة، لكن يتم توظيفها لأهداف انتخابية حزبية.
من جهته، أشار محمد أوزين إلى أن القناة الثانية وقعت في نفس الفخ، حيث قدمت الوصلة الدعائية التي امتدت لدقيقتين وتسع عشرة ثانية، متضمنة رسائل سياسية تم تضمينها في سياق ترويجي لاحتضان المغرب للمونديال. وقد اعتبر أوزين أن إدخال رسائل انتخابية ضمن هذا الفيديو يعد خطوة غير مقبولة، مشيراً إلى أن البرامج المذكورة مثل الدعم الاجتماعي والسكن، قد تم استخدامها بشكل واضح للترويج السياسي قبل موعد الانتخابات.
وفيما يتعلق بحدث تنظيم كأس العالم 2030، أكد أوزين أن هذه التظاهرة الرياضية هي بمثابة إنجاز وطني يعكس طموح الملك والشعب المغربي، غير أن محاولة الحكومة استغلال هذا الحدث لتحقيق مكاسب سياسية يعد تصرفاً غير أخلاقي، ويتناقض مع مبدأ حياد الإعلام في تغطيته للأحداث الوطنية الكبرى.
وقد طالب كل من بنعبد الله وأوزين الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في هذا الخرق، وضمان احترام القوانين المتعلقة بالإشهار السياسي، فضلاً عن ضرورة الحفاظ على التعددية في وسائل الإعلام العمومية، بما يضمن تقديم محتوى دقيق ومتوازن بعيداً عن أي تلاعب سياسي أو حزبي.
تظل هذه الحملة ضد الحكومة تسلط الضوء على جدلية العلاقة بين السياسة والإعلام العمومي في المغرب، حيث يواجه القائمون على وسائل الإعلام العمومية تحديات كبيرة في الحفاظ على استقلاليتهم وحيادهم، خاصة في فترات الانتخابات التي تشهد توظيفاً مكثفاً للموارد الإعلامية من قبل الأحزاب المتحكمة في السلطة.