
يشكل استقطاب الطلاب الأجانب في المغرب رافعة اقتصادية مهمة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني بملايين اليوروهات سنويًا، وفقًا لأحدث الإحصاءات التي كشف عنها وزير التعليم العالي السابق، عبد اللطيف الميراوي. فقد أشار إلى أن المغرب يستقبل حوالي 23 ألف طالب أجنبي، معظمهم من دول أفريقية، مما يدر على البلاد عائدات تقدر بنحو 415 مليون يورو، وهو ما يعكس الأثر العميق لهذا القطاع على الدورة الاقتصادية.
تعتمد هذه الأرقام على إحصاءات صادرة عن البنك الدولي ومؤسسة “كامبوس فرنسا”، حيث يظهر أن الطلاب الأجانب لا يساهمون فقط في تمويل مؤسسات التعليم العالي عبر رسوم التسجيل والدراسة، بل يمتد تأثيرهم ليشمل قطاعات حيوية أخرى.
فمن خلال نفقاتهم اليومية، ينعش هؤلاء الطلبة الاقتصاد المحلي عبر مصاريف السكن، والتنقل، والغذاء، والخدمات الصحية، مما يعزز النشاط التجاري ويوفر فرص عمل إضافية.
إلى جانب العائدات المباشرة التي تتمثل في الرسوم الدراسية والنفقات المعيشية، هناك مكاسب غير مباشرة ذات تأثير مستدام على الاقتصاد، فمن جهة، يساهم الطلبة الأجانب في خلق وظائف جديدة داخل الجامعات والمدارس العليا، سواء في هيئة التدريس أو في الخدمات الإدارية والتقنية، ومن جهة أخرى، تبرز انعكاسات إيجابية على قطاعات أخرى مثل الضرائب، حيث تدر هذه الأنشطة دخلاً إضافيًا لخزينة الدولة، فضلاً عن تنشيط السياحة العائلية، حيث يزور أقارب الطلاب المغرب بشكل دوري، مما يزيد من الطلب على الخدمات الفندقية والتجارية.
علاوة على ذلك، يكتسي الحضور القوي للطلاب الأجانب في المغرب بعدًا استراتيجيًا يعزز مكانة المملكة كمركز تعليمي إقليمي، مستقطبًا الكفاءات من مختلف أنحاء القارة الأفريقية، فإلى جانب الفوائد الاقتصادية، يساهم هذا الحراك الأكاديمي في توطيد العلاقات الثنائية بين المغرب والدول المصدرة للطلاب، ويخلق شبكة من الخريجين الدوليين الذين قد يصبحون لاحقًا سفراء اقتصاديين وثقافيين للمغرب في بلدانهم الأصلية.
بناءً على هذه المعطيات، يبدو جليًا أن تعزيز سياسات استقطاب الطلاب الأجانب، عبر تحسين جودة التعليم العالي وتقديم حوافز إضافية، قد يكون مفتاحًا لزيادة العائدات الاقتصادية وتعزيز الدور الريادي للمغرب في المجال الأكاديمي إقليميًا.
فهل يشهد المستقبل مزيدًا من المبادرات لتعزيز هذا القطاع الواعد؟