أتومان: بزوغ أول بطل خارق مغربي في السينما بنَفَس بيئي ورسالة كونية
14/04/2025
0
تحرير: جيهان مشكور
في سابقة من نوعها في المشهد السينمائي المغربي، شهدت قاعة ميغاراما بالدار البيضاء عرضاً أولياً لفيلم “أتومان” أو “رجل الريح”، معلناً ولادة أول بطل خارق مغربي بشخصية تحمل سمات محلية وتجربة فنية تسعى إلى تجاوز حدود المألوف في صناعة السينما الوطنية، حضي هذا الحدث بحضور وازن من صنّاع السينما ونجومها إلى جانب ممثلي وسائل الإعلام، و كشف عن طموح مشروع لإعادة تعريف ملامح السرد البصري المغربي وتوسيع أفقه نحو الفانتازيا والخيال العلمي الممهور برموز ثقافية ومضامين كونية.
يرتقب أن يُطلق في القاعات السينمائية ابتداءً من 23 أبريل، ليدخل مباشرة في سباق شباك التذاكر و يزاحم أعمالاً مغربية أخرى ذات الطابع الكوميدي والاجتماعي، مثل “الوترة” للمخرج إدريس الروخ و”البوز” للمخرجة ديمنة بونعيلات، إلا أن “رجل الريح” ينفرد بكونه أول عمل مغربي يتناول شخصية بطل خارق، وهي سابقة تكسر النمط السائد في الصناعة المحلية التي اعتادت تقديم دراما واقعية أو كوميديا اجتماعية، دون مغامرة في تخوم الفانتازيا.
يقف وراء هذا المشروع الطموح المخرج أنور معتصم، الذي أخرج الفيلم من سيناريو عمر مراني، أما التمثيل فيحمل بصمات أسماء وازنة على رأسها سارة برليس، المغني العالمي لارتيست، راوية، سامي ناصري، كوثر بودراجة، وعواطف لحماني، إلى جانب وجوه أخرى من تونس وفرنسا، مما يمنح للفيلم بُعداً مغاربياً ودولياً في آن واحد.
و تدور أحداث الفيلم حول شخصية “حكيم”، شاب يعيش تحولات داخلية تقوده إلى اكتشاف قوة روحية متجذرة في صلته العميقة بالطبيعة وبموروثه الثقافي،حيث تمنحه هذه القوة قدرة خارقة على التصدي للاختلالات التي تهدد العالم، لا من زاوية صدامية تقليدية، بل من منظور يستلهم روح الأرض والبيئة كعنصرين متلازمين في صياغة التوازن الكوني، كما يدمج الفيلم بين الرمز والأسطورة من جهة، والواقع المعاصر بأزماته المعقدة من جهة أخرى، حيث تتشابك قضايا مثل التغير المناخي، الجرائم السيبرانية، وصراع الهوية الثقافية مع تسارع الحداثة.
في خضم هذا البناء السردي المتقن، لا يُهمل “أتومان” جمالية الصورة ولا استثمار الموقع، بل يقدم تجربة بصرية غنية تم تصويرها في أماكن مغربية بكر لم يُسلط عليها الضوء سابقاً، مما يمنح للمشاهد تجربة مختلفة تماماً عن المعتاد، من كهوف فريواطو في تازة، إلى قصبة تيزركان بالأطلس الصغير، مروراً بالإيكودار، وصولاً إلى محطة نور للطاقة الشمسية في ورزازات، يوظف الفيلم هذه الفضاءات ليس فقط كخلفيات طبيعية، بل كأدوات سردية تنطق بالرمز والدلالة، في انسجام مع رسالة الفيلم البيئية وروحه التأملية.
ولأن الرهان لا يقف عند حدود السوق المحلي، فقد اختار صناع الفيلم طرحه بنسختين لغويتين: الدارجة المغربية والفرنسية، ما يعزز فرص انتشاره في الأسواق الدولية.
كما تأكدت برمجة عروضه في عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة، دول أوروبية، الهند، روسيا، إفريقيا جنوب الصحراء والفلبين، في محاولة واضحة لتقديم النموذج المغربي في فنون الخيال والعوالم الخارقة بأسلوب يراهن على الخصوصية الثقافية والانفتاح الكوني في آن واحد.
“أتومان” لا يُعد فقط تجربة سينمائية جديدة، بل يمثل نقلة نوعية تتجاوز حدود الترفيه إلى مساءلة الواقع وطرح الأسئلة الكبرى المتعلقة بالهوية، المستقبل، والعيش المشترك على كوكب يواجه تحديات وجودية، هو بمثابة رسالة موجهة من المغرب إلى العالم مفادها أن البطولة ليست فقط في القوة الخارقة، بل في القدرة على استلهام الجذور لبناء أمل يتجاوز الحدود.