
في إطار استراتيجية تطوير منظومة النقل العمومي بأكادير الكبير، شرعت شركة التنمية المحلية “مجموعة النقل والتنقلات الحضرية أكادير” في تنفيذ مشروع يروم إدماج نظام ذكي للتذاكر ضمن شبكة الحافلات الحضرية وشبه الحضرية.
ويأتي هذا المشروع في سياق يتسم بتسارع وتيرة النمو الديمغرافي والعمراني، وهو ما يدفع إلى ضرورة تجويد الخدمات المرتبطة بالنقل العمومي وتحسين ولوجيتها،هذا وقد تمت برمجة المشروع بغلاف مالي يصل إلى 42 مليون درهم يهدف إلى رقمنة عمليات الأداء من خلال توفير آليات متعددة لاقتناء التذاكر، وذلك في أفق الانتقال إلى شبكة تعريفة مرنة من شأنها تبسيط استخدام وسائل النقل العمومي مستقبلاً.
هذا النظام لا يقتصر على تسهيل عمليات الدفع بالنسبة للمستخدمين، بل يتعداه إلى تمكين الجهات المشرفة من تجميع وتحليل بيانات دقيقة حول حركة الركاب، حيث ستستثمر هذه المعطيات لاحقاً في تكييف العرض مع الطلب الفعلي، مما يُسهم في تنظيم أفضل للخطوط والموارد وتعزيز كفاءة الخدمة، كما يرتبط هذا التحول ببرنامج أكبر لإدماج الحافلات ذات المستوى العالي من الخدمة (BHNS)، والذي يشكل أحد محاور تحديث البنية التحتية للنقل العمومي بأكادير الكبير.
فيما تكشف المعطيات السكانية عن تحديات متزايدة، إذ تشير الإحصائيات إلى أن عدد سكان أكادير الكبير بلغ حوالي 1.8 مليون نسمة خلال سنة 2024، مع توقعات ببلوغ 2 مليون نسمة في أفق عام 2034.
هذا النمو السكاني يفرض ضغوطًا على شبكات التنقل ويستدعي توسيع وتحديث أسطول الحافلات، وهو ما تعمل عليه السلطات من خلال التحضير لإطلاق أسطول جديد مكون من 260 حافلة، بينها 230 حافلة تقليدية متفاوتة الأطوال و30 حافلة BHNS، وذلك لتقوية الربط بين المراكز الحضرية والضواحي التي تشمل جماعات أكادير وإنزكان وآيت ملول والمناطق المجاورة.
تواكب هذا التحول خطوة تنظيمية تهدف إلى تجديد آليات التدبير، حيث باشرت الجماعة الترابية لأكادير الكبير إعداد دفتر تحملات خاص بعقد تدبير مفوض جديد، سينظم هذا العقد عملية استغلال أولى خطوط BHNS وتسيير الشبكة المُحدثة عقب انتهاء فترة التدبير التي أسندت منذ سنة 2010 إلى شركة “ألزا سيتي أكادير”، ومن المنتظر أن يواكب المشغل الجديد مختلف التغيرات التقنية والتنظيمية التي تفرضها المرحلة المقبلة.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، تم تجهيز مركز أول للصيانة والتوقف في منطقة تاسيلا بمعدات خاصة بنظام التذاكر الذكي إلى جانب نظام تتبع الأسطول (SAE-IV)، كما يجري التخطيط لإنشاء مركز ثانٍ لتعزيز القدرات اللوجستية الخاصة بالصيانة وإيواء الحافلات في إطار إعادة هيكلة الشبكة لتتلاءم مع التوسع المرتقب.
كما يخضع النموذج التعريفي المعتمد بدوره لإعادة تقييم، حيث تعتزم الجهات المعنية اعتماد نظام مناطقي جديد يتألف من ست مناطق، تُحدد فيه التعريفة بناءً على عدد المناطق التي يعبرها الراكب عوضًا عن النظام التقليدي القائم على نقطة الانطلاق، و يرتكز هذا التغيير على دراسة تقنية تأخذ بعين الاعتبار الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للمستفيدين، ويهدف إلى تبسيط النظام المعتمد منذ 2016 دون تغييرات جوهرية، إضافة إلى تحسين مردوديته التجارية وتعزيز شفافيته.
تجدر الإشارة أن الشبكة الحالية تتوزع بين 25 خطًا حضريًا و15 خطًا شبه حضري، تربط بين مختلف الأحياء والمراكز داخل أكادير الكبير من الشمال إلى الجنوب، ويجري العمل على توسيع نطاق التغطية لتشمل مجالات عمرانية جديدة تظهر تباعًا بفعل الامتداد الحضري المتواصل،ما يعكس رغبة واضحة في مواكبة الحركية المجالية وتحقيق شمولية أكبر في خدمة النقل العمومي عبر تدابير تنظيمية وتقنية تروم الاستجابة للتحديات الآنية والمستقبلية.