الرئسيةسياسة

صرخة جامعيون من أجل العدالة الاجتماعية

أصدرت اللجنة الوطنية لقطاع الجامعيين الديمقراطيين بيانها السنوي بمناسبة فاتح ماي 2025، حيث تناولت فيه أبرز القضايا المطروحة على الساحة الاجتماعية والتربوية، مع تقديم قراءة نقدية للأوضاع التي يعيشها المغرب اليوم، خاصة ما يتعلق بتأثير السياسات العمومية على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الشغيلة، وعلى منظومة التعليم بمستوييها المدرسي والجامعي.

ينطلق البيان من توصيف  للسياق الدولي الراهن، حيث يشير إلى تصاعد نفوذ الرأسمالية المعولمة في صيغتها النيوليبرالية الأكثر تطرفا، وهي التي تعيد تشكيل التوازنات الاجتماعية والاقتصادية على نحو يتسم بتراجع الأدوار الحمائية للدول، وتزايد هيمنة منطق السوق على حساب الحقوق الاجتماعية التي راكمتها الحركات العمالية على مدى عقود.

تفاقم الفوارق داخل المجتمعات وفيما بينها

 

كما يلفت البيان إلى تفاقم الفوارق داخل المجتمعات وفيما بينها، وتأثير ذلك على التماسك الاجتماعي، إلى جانب الأزمات البيئية الناتجة عن نمط الإنتاج المهيمن،هذا ويتوقف أيضا عند الوضع الإنساني في غزة، باعتباره نموذجا صارخا لانتهاك القانون الدولي الإنساني، مستنكرا ما وصفه بتواطؤ الصمت الدولي واستمرار موجة التطبيع، بما في ذلك التطبيع الأكاديمي، الذي يعتبره معطى مثيرا للقلق في ظل ما تعرفه المنطقة من تصعيد عسكري وانتهاكات جسيمة.

وفي قراءة للواقع الوطني، يبرز البيان حالة الاحتقان التي تطبع المناخ الاجتماعي، والتي تعزى إلى ما يعتبره اختيارات غير منصفة في تدبير السياسات العمومية، حيث تزداد الضغوط على القدرة الشرائية لشرائح واسعة من الأجراء، وتتواصل الاختلالات في قطاعات تعتبر أساسية كالصحة والتعليم والسكن، في ظل توسع ملموس في مظاهر الفساد، وتراجع ملحوظ في مؤشرات الحريات العامة، بما في ذلك متابعة نشطاء في قضايا ذات طابع سياسي ونقابي وحقوقي.

أوضاع الشغيلة التعليمية بالجامعة

وانطلاقا من هذا التوصيف، تقدم اللجنة الوطنية موقفها بخصوص الأوضاع التي تهم الشغيلة التعليمية في الجامعات المغربية، مؤكدة أن واقع الجامعة العمومية يعاني من صعوبات بنيوية تتجلى في ضعف التأطير الأكاديمي والبنيات التحتية، وتواضع الاعتمادات المخصصة للبحث العلمي، إلى جانب استمرار اختلالات الحكامة وغياب تصور استراتيجي واضح يربط الجامعة بمشاريع التنمية الوطنية، كما تعتبر اللجنة أن هذه الأوضاع تضعف من قدرة الجامعة على أداء أدوارها في التكوين والإنتاج العلمي والمساهمة في إشعاع المغرب إقليميا ودوليا.

من جهة أخرى، حذر البيان من تداعيات التراجع المستمر في الوضعية الاعتبارية والمادية للأساتذة الباحثين، مبرزا أن هذا التراجع لا ينعكس فقط على جاذبية المهنة، بل أيضا على جودة التعليم العالي ومردودية البحث العلمي، مطالبا في هذا الصدد بضرورة تحسين ظروف الاشتغال داخل الجامعة، وتعزيز الاستقلالية البيداغوجية والمالية، وتوسيع هامش المشاركة الديمقراطية في تدبير الشأن الجامعي، بما يسهم في تحفيز دينامية الإصلاح.

وفي سياق متصل، دعت اللجنة الوطنية إلى إرساء إصلاح شامل لمنظومة التربية والتكوين، يستجيب لحاجيات المجتمع ومتطلبات العصر، ويعالج مؤشرات الخلل التي تراكمت عبر السنوات، مثل الهدر المدرسي، الاكتظاظ، وتدني الموارد المخصصة للقطاع، كما نبه إلى ضعف ملاءمة المناهج الدراسية لسوق الشغل والتحولات التكنولوجية والثقافية التي يعرفها العالم اليوم. وتشدد على ضرورة بلورة مقاربة جديدة للتعليم، تقوم على الإنصاف وتكافؤ الفرص، وتعيد الاعتبار للأدوار المجتمعية للمدرسة والجامعة العموميتين.

الانخراط في نضالات نقابة التعليم العالي

البيان ذاته، شدد التأكيد على انخراط اللجنة الوطنية لقطاع الجامعيين الديمقراطيين في النضالات التي تخوضها النقابة الوطنية للتعليم العالي، و على أهمية تعزيز التقاطعات بين المطالب النقابية لأساتذة الجامعة وتلك التي تعبر عنها مختلف الفئات الشغيلة، في أفق بناء جبهة نضالية موحدة، قادرة على الدفاع عن المكتسبات، وتحصين ما تبقى من مجالات الخدمة العمومية، مع التأكيد على ضرورة توحيد الجهود في مواجهة السياسات التي تمس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من منطلق الالتزام بقيم التضامن والمسؤولية الجماعية.

وإلى جانب هذا، جددت اللجنة الوطنية التزامها بالمساهمة الفعلية في تخليد عيد الشغل العالمي، من خلال دعوة الأساتذة الباحثين وجميع العاملين في الجامعة ومؤسسات تكوين الأطر إلى الانخراط الواعي والفاعل في الدينامية النقابية والوطنية، باعتبارهم طليعة فكرية قادرة على إحداث التحول المنشود.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى