
وثقت جمعية محبي البحر للصيد تحت الماء والمحافظة على البيئة مشهدًا مؤلمًا في عرض البحر قبالة سواحل أكادير، يتمثل في دلفين نافق يطفو على سطح الماء في حالة تحلل متقدمة، بينما تحلق طيور النورس فوقه وتنهش جثته.
إن هذه الحادثة، التي لم تكن الأولى من نوعها، تأتي بعد أسبوع فقط من رصد دلفين آخر في ظروف مماثلة، ما يثير القلق بشأن تكرار هذه الظاهرة ودلالاتها البيئية العميقة.
مؤشرات مقلقة على تدهور متزايد في النظام البيئي البحري
وفي تصريح لعثمان أبلاغ رئيس الجمعية خص به جريدة “دابا بريس”، قال: “هذه الحوادث المتكررة لم تعد مجرد حالات معزولة، بل مؤشرات مقلقة على تدهور متزايد في النظام البيئي البحري. نحن نرصد هذه الوقائع بشكل مستمر، ونسعى من خلال عملنا الميداني إلى فهم أسبابها والمساهمة في الحد منها.”
وأشار أبلاغ إلى أن الأسباب المحتملة لنفوق الدلافين متعددة، من بينها التلوث البحري، الناتج عن النفايات البلاستيكية والمواد الكيميائية السامة التي تضر بصحة الأحياء البحرية، إضافة إلى الشباك الملقاة والعشوائية، والتي وصفها بـ”القاتل الصامت”، حيث تؤدي إلى وقوع الدلافين وغيرها من الثدييات البحرية في فخاخ مميتة.
كما تحدث عن الاصطدامات مع السفن والقوارب، التي غالبًا ما تمر دون ملاحظة، لكنها تخلف إصابات مميتة، إلى جانب أمراض بيئية غير مرصودة قد تكون ناجمة عن اختلالات في التوازن البيولوجي البحري.
وفي هذا السياق، لفت أبلاغ إلى المبادرات التي تقودها الجمعية مثل مشروع “الدولفين الأزرق” الذي يهدف إلى رفع مستوى الوعي البيئي وتنظيم حملات لتنظيف قاع البحر، إلى جانب ورشات تحسيسية تستهدف مختلف شرائح المجتمع، لا سيما المهنيين البحريين والشباب.
البحر نظام بيئي حساس يؤثر على حياتنا اليومية
وأضاف: “البحر ليس فقط مصدرًا للثروات، بل نظام بيئي حساس يؤثر على حياتنا اليومية وعلى مستقبل أجيالنا، نفوق الدلافين يجب أن يُنظر إليه كجرس إنذار يتطلب تحركًا عاجلًا من كافة الأطراف: السلطات، المجتمع المدني، الفاعلين الاقتصاديين، وحتى الأفراد، و الاستمرار في تجاهل هذه الظواهر قد يقودنا إلى انهيار بيئي غير مسبوق”.
إن تكرار مشاهد النفوق في الساحل المغربي يعكس واقعًا بيئيًا هشًا يحتاج إلى خطة تدخل شاملة، تعتمد على البحث العلمي والمراقبة البيئية المستمرة، وتفعيل القوانين الخاصة بحماية البيئة البحرية. فالحفاظ على المحيطات ليس خيارًا، بل ضرورة تفرضها التغيرات المناخية والتحديات البيئية المتزايدة.