
شهدت مدينة بني ملال تطورات مثيرة مساء الثلاثاء، بعدما أصدر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارًا بإيداع 17 شخصًا، بينهم سياسيون ومقاولون، سجن عكاشة، على خلفية الاشتباه في تورطهم في قضايا تتعلق بتبديد أموال عامة والتلاعب في الصفقات العمومية.
وبحسب معطيات مؤكدة، فإن من بين المعتقلين أحمد شدا، المستشار البرلماني السابق ورئيس جماعة بني ملال الأسبق، إلى جانب مهندس معماري وصاحب شركة نظافة، تم إيداعهم جميعًا بالسجن المحلي عين السبع (عكاشة)، بعد مواجهتهم مع صاحب شركة “بيكترا”، المعتقل في ملف مشابه.
متابعة مقاول بارز يُعرف بأنه شقيق “إمبراطور العقار” في حالة سراح
القضية لم تقف عند هذا الحد، إذ قرر قاضي التحقيق متابعة مقاول بارز يُعرف بأنه شقيق “إمبراطور العقار” في حالة سراح، مع سحب جواز سفره، كما تم الإفراج عن الرئيس الحالي لجماعة بني ملال، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، مقابل كفالة مالية قدرها 50 مليون سنتيم.
القائمة شملت كذلك موظفين جماعيين، مستشارين، ممون حفلات، وعددًا من المتعاملين مع الجماعة، وجميعهم متابعون في حالة سراح، فيما وُجهت إليهم تهم ثقيلة تتعلق باختلالات في تدبير صفقات التهيئة، الإنارة، النفايات، تجهيز السوق الأسبوعي، واقتناء معدات مشبوهة.
تصريح الجمعية المغربية لحماية المال العام

في هذا السياق، أعرب محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن قلقه إزاء ما اعتبره محاولات حكومية لتقويض استقلالية النيابة العامة، من خلال تمرير تعديلات على قانون المسطرة الجنائية، خاصة المادتين 3 و7، التي قد تحد من صلاحيات النيابة العامة في متابعة قضايا الفساد المالي.
وأكد الغلوسي أن هذه التعديلات تمثل تهديدا مباشرا لتجربة أقسام جرائم المال العام التي جاءت استجابة لمطالب محاربة الفساد ونهب المال العام، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى تحصين الفاسدين وتقويض مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
تداعيات القضية على المشهد السياسي المحلي
تأتي هذه الاعتقالات في وقت حساس، حيث تشهد الساحة السياسية المغربية جدلا واسع حول فعالية آليات محاربة الفساد، ودور المجتمع المدني في مراقبة تدبير الشأن العام.
ويرى حماة المال العام أن هذه القضية قد تشكل اختبارا حقيقيا لمدى جدية السلطات في محاربة الفساد،” تقاريرالمجلس الأعلى للحسابات” ، خاصة في ظل الانتقادات الموجهة للحكومة بشأن محاولات تقييد دور الجمعيات المدنية في هذا المجال.
كما أن هذه التطورات قد تؤثر على ثقة المواطنين في المؤسسات، وتزيد من مطالبهم بتعزيز الشفافية والمساءلة، خاصة فيما يتعلق بتدبير المال العام والصفقات العمومية.
و انتقد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، التوجه الجديد لمشروع قانون المسطرة الجنائية، ولا سيما مقتضيات المادتين 3 و7، معتبراً أنهما تشكلان خطراً محدقاً يهدد دور المجتمع المدني في معركة الشفافية ومحاربة الفساد، الذي تصدر بشأنه عدة تقارير، ومنها تقارير المجلس الأعلى للحسابات.
و شدد الغلوسي، في تدوينة له، على أن الشكايات الموجهة إلى القضاء ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة من بين أدوات أخرى تتيح فضح مظاهر الاختلال وسوء التدبير داخل المرافق العمومية، مؤكدا، أن الجمعيات النزيهة لا تبني مشروعها النضالي على “الاحتراف في تقديم الشكايات” كما يروج له البعض، بل تنطلق من التزام مدني هدفه الأسمى تجويد الخدمات العمومية وضمان احترام القانون والمساواة والشفافية.