الرئسيةمجتمع

طنجة تحرر الملك العمومي..هل تعمم التجربة على باقي المدن؟

القانون لا يطبق بالانتقائية، والملك العام ليس ورقة تفاوض سياسي، بل حق مشترك، يجب ان يصان، في طنجة كما في كل المدن المغربية.

تخوض السلطات المحلية في مدينة طنجة، حملة جديدة لتحرير الملك العمومي_ كل مشروع يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة_المحتل من قبل عدد من اصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية، وهي خطوة لاقت ترحيبا واسعا من طرف السكان والناشطين الذين ملوا مشهد الارصفة المغتصبة والشوارع الضيقة تحت رحمة الكراسي والطاولات.

لكن هذا الترحيب، وان كان مستحقا، لا يخفي حقيقة أخرى ما يحدث اليوم في طنجة تأخر كثيرا، والاسئلة التي يطرحها الشارع الطنجاوي والمغربي عموما لا تتعلق فقط بالحملة ذاتها، بل بتأخرها، وبمحدودية نطاقها الجغرافي، وبطبيعة الانتقائية التي طبعت تدخلات سابقة في مدن اخرى.

سنوات طويلة والملك العمومي ينهب في واضحة النهار، أمام أعين السلطات المحلية، التي لم تتحرك الا نادرا، وغالبا بشكل انتقائي او ظرفي، قبل ان تهدأ العاصفة ويعود كل شيء الى ما كان عليه.

المواطنون يزاحمون السيارات لأن الأرصفة امتدادا لمشاريع خاصة

مواطنون يزاحمون السيارات، على الطريق لأن الارصفة اصبحت امتدادا لمشاريع خاصة، اصحاب محلات يتصرفون في المجال العام كما لو كان ملكا شخصيا، في استباحة لحق الجميع في التنقل والمرور.

في طنجة اليوم، يتحرك رجال السلطة ويزيلون الحواجز والطاولات، وسط تصفيقات السكان. لكن هذه التصفيقات نفسها تحمل في طياتها احتجاجا ضمنيا لماذا تركت المدينة لعشوائية الاحتلال لسنوات؟ ولماذا يطلب من المواطنين الاحتفاء بتطبيق القانون كما لو انه انجاز استثنائي؟

مدن مغربية رهينة للاحتلال العشوائي

الاكثر من ذلك، لماذا تترك مدن اخرى، من الدار البيضاء الى فاس ومراكش ووجدة، رهينة للاحتلال العشوائي للملك العام دون تدخل حازم؟ هل تنتظر السلطات تعليمات خاصة للتعامل مع خروقات يفترض انها مشمولة بالقوانين الجاري بها العمل؟ وهل حماية المجال العمومي خاضعة لاجتهاد كل والي او عامل، ام انها مسؤولية دولة؟

تحرير الملك العام لا يجب ان يكون حملة موسمية، بل سياسة عمومية واضحة، تفعل القوانين القائمة وتربط المسؤولية بالمحاسبة، ليس فقط على مستوى المخالفين، ولكن ايضا في صفوف من سمحوا لهم بالتمادي لعقود. كما ان النجاعة تقتضي ان ترافق هذه العمليات حلول بديلة، تنظم انشطة التجار وتؤمن مواردهم، بدل الزج بهم في دوامة الفوضى او المواجهة.

نجاح طنجة_نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي_ في اعادة الاعتبار للملك العمومي مكسب لا ينكر، لكن ما لم يتحول هذا النجاح الى نموذج وطني، فان الامر لن يتجاوز كونه استثناء ظرفيا، سرعان ما يتبخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى