الرئسيةسياسةشواهد على التاريخ

من القاهرة إلى الريف: صرخات لا تسمعها السلطة

تخوض ليلى سويف، الأكاديمية والمفكرة، والدة علاء عبد الفتاح المعتقل المصري، إضراب عن الطعام مفتوح، الى حين إطلاق سراح فلذة كبدها، حيث وردت تقارير طبية أنها لم تعد قادرة على الاحتمال،  وجسدها الهزيل يذوب في صمت.

“قالت المفكرة في تدوينة لها: روحي تستنزفها سنوات الظلم التي كتمت أنفاس ابني خلف القضبان، حتى بعد انتهاء مدة محكوميته.”

اتهم علاء عبد الفتاح ب”التحريض على العنف” و”نشر أخبار كاذبة”

وتجدر الإشارة الى أن منذ سنة 2006، وعلاء يدفع ثمن صوته، حيث سُجن أول مرة بسبب تظاهرة تضامنية مع قضاة استقلال القضاء، ثم لاحقًا بعد الثورة في 2011، ووُضع خلف القضبان مجددا  باتهامات مختلفة، أبرزها “التحريض على العنف” و”نشر أخبار كاذبة”، وحسب المفكرة ليلى هي تهم فضفاضة طالما استُخدمت لإسكات المنتقدين.

في 2014، حُكم عليه بالسجن 5سنوات على خلفية قانون التظاهر، ثم أُفرج عنه لفترة قصيرة ليُعتقل مجددًا في 2019، هذه المرة بتهم تتعلق بالأمن القومي، رغم أنه لم يدعُ يوما إلى عنف، ولم يحمل سلاحا، سوى قلمه وأحلامه بمجتمع حر.

اليوم، وبعد أن أنهى العقوبة القانونية، لا يزال علاء محتجزًا دون سند قانوني واضح، في واحدة من أبشع صور التجاوز على سلطة القضاء، وعلى الحق في الحرية، وعلى فكرة العدالة نفسها.

إضراب والدة علاء صرخة ضد الصمت

وفي قلب هذه المأساة، تقف ليلى سويف، لا كامرأة منهكة، بل كرمز إنساني يحاول أن ينتصر لابنه، ولما تبقى من كرامة في هذا العالم.

إضرابها ليس مجرد فعل احتجاجي، بل صرخة ضد الصمت، وضد التواطؤ العربي والافريقي والدولي مع الاستبداد، وضد الزمن الذي جعل الأمومة خيمة مقاومة بدلًا من أن تكون حضنًا وطمأنينة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه القصة لا تخص مصر وحدها، ففي المغرب، تتكرر المأساة بوجوه أخرى، معتقلو حراك الريف، الذين خرجوا في 2016 للمطالبة بمطالب اجتماعية بديهية: “مستشفى، جامعة، وكرامة، وجدوا أنفسهم خلف القضبان”، يُحاكمون بأحكام قاسية وصلت إلى 20 عامًا، كما في حالة ناصر الزفزافي، بتهم تتعلق بالمس بأمن الدولة، بالرغم من أن احتجاجاتهم كانت سلمية، ومطالبهم مشروعة، لا تزال السلطة تعاملهم كخطر، وتُمعن في أن يكونوا عبرة لكل من خولة له نفسه الاحتجاج.

ما يربط بين علاء ورفاقه، وبين معتقلي الريف، هو هذا الإصرار السلطوي على سحق الأمل، على اعتبار الحب خيانة، والاحتجاج جريمة، لكن ما يجمعهم أيضًا، وأهم من كل شيء، هو هذا النور الصامد في عيونهم، الإيمان بأن الحرية، وإن طال انتظارها، ستأتي.

هل نملك بعد ما يكفي من إنسانية لنقول  كفى؟

ليلى سويف ليست فقط أمًا تناضل من أجل ابنها، بل رمزًا لكل أم رأت أبناءها يُدفعون إلى الزنازين فقط لأنهم تجرؤوا على الحلم، وصوتها اليوم، من داخل جسد يذوي، هو نداء لكل من لا يزال يؤمن أن الكلمة الحرة تستحق أن تُحيا، وأن الكرامة لا تُسجن.

فهل من مجيب؟

اقرأ أيضا..

https://dabapress.com/212620/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى