الرئسيةسياسة

أسعار المحروقات بالمغرب: حين تتجاوز الأرباح سقف المعقول

عبّر الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول  ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، عن استغرابه من الفجوة المتزايدة بين الأسعار الحقيقية المفترضة وأسعار البيع المعتمدة حالياً في محطات التوزيع، فحسب المعادلة التي كانت تعتمدها السلطات العمومية قبل قرار تحرير السوق، والتي تأخذ بعين الاعتبار أسعار الغازوال والبنزين في السوق الدولية، وسعر صرف الدولار، وتكاليف النقل والضرائب وهامش الربح، كان يفترض ألا يتجاوز ثمن لتر الغازوال 9.06 دراهم وثمن البنزين 10.67 درهماً خلال النصف الأول من شهر يونيو الجاري.

أرباح خيالية واختلالات بنيوية

غير أن الواقع الحالي يعكس صورة مغايرة تماماً، حيث تُعرض المحروقات للمستهلكين بأثمان تتجاوز بكثير هذه المستويات المرجعية، وهو ما اعتبره اليماني دليلاً قاطعاً على أن الفاعلين في القطاع يجنون أرباحاً تفوق المعقول، مشيراً إلى أن مجموع هذه الأرباح، منذ نهاية سنة 2015، بلغ أكثر من 80 مليار درهم. هذا الرقم الضخم يسلط الضوء على طبيعة الاختلالات البنيوية التي تعرفها منظومة التسعير بعد إلغاء الدعم وتحرير الأسعار، دون وضع آليات فعالة للضبط والمراقبة أو إعادة تشغيل المصفاة الوطنية سامير.

ازدهار تجارة “الديبووات”

ويزداد المشهد تعقيداً مع بروز ما وصفه اليماني بالازدهار اللافت لتجارة “الديبووات”، وهي نقاط بيع غير رسمية تعرض المحروقات بأسعار تقل بدرهم أو أكثر عن تلك المعتمدة في محطات الوقود، و انتشار هذه الظاهرة بشكل متسارع، تطرح تساؤلات جوهرية حول مصدر هذه الكميات من المحروقات، ومدى مراقبة السلطات لها، وما إذا كانت الجهات المعنية تتابع هذه الأنشطة الخارجة عن المسالك المألوفة، أم أنها تفضل غض الطرف والاكتفاء بمتابعة المشهد من بعيد.

تساؤلات حول تدبير القطاع

في ظل هذا الوضع الملتبس، يطرح الحسين اليماني تساؤلاً مركزياً حول موقف القائمين على تدبير هذا القطاع الحيوي، متسائلاً ما إذا كان هدفهم يقتصر فقط على ضمان توفر المحروقات في السوق، دون اكتراث بالاختلالات الواضحة في الأسعار، وجودة المنتوجات، وغياب المخزون الاستراتيجي، وانتشار تجارة غير خاضعة لأي ضوابط أو تتبع، كما لم يُخفِ اليماني أسفه لما آلت إليه الأوضاع بعد تعطيل الإنتاج في شركة سامير، المصفاة الوطنية التي كانت تشكل الضمانة الأساسية للاستقرار الطاقي وضبط الأسعار والجودة.

دعوة للتدخل وإصلاح الأعطاب

يعكس التصريح في جوهره موقفاً نقابياً يطالب بضرورة التدخل العاجل لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل استفحال الأوضاع، فهو دعوة صريحة لإعادة تقييم السياسات المعتمدة، ووضع حد للربح غير المشروع، ومعالجة التشوهات التي تطبع السوق المغربية للمحروقات، في ظل صمت رسمي لا يوازي حجم الإشكالات المطروحة.
وبين تحرير الأسعار، وتوقف المصفاة، وغياب الشفافية، يبقى المستهلك المغربي الحلقة الأضعف في معادلة غير متوازنة تُدار من خارج منطق العدالة الاقتصادية والمصلحة العامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى