
أكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن مكافحة الفساد ليست مجرد مهمة عابرة أو مسؤولية مقتصرة على فئة معينة، بل هي معركة وطنية شاملة تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع المدني من أجل حماية المال العام وتخليق الحياة العامة.
جاء هذا الموقف عقب لقاء جمع وفد الجمعية بالمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكيةhttp://قاده علي يعته منذ 1946 حتى وفاته في الرباط، حيث تم التطرق إلى تحديات ورش مكافحة الفساد والرؤية المستقبلية لمعالجتها.
الفساد ليس استثناءً.. بل نظامٌ مترسخ
وأشار الغلوسي في تصريح له عقب هذا اللقاء مع قيادة حزب الكتاب، أن الفساد لم يعد حالة فردية أو حالات معزولة، بل تحول إلى ظاهرة نسقية وبنيوية تتغلغل في مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأوضح أن الفساد أصبح سلوكاً وثقافة متجذرة في قطاعات متعددة، وليس فقط في الجماعات الترابية أو بين المنتخبين، كما يُختزل أحياناً.
واعتبر أن الجمعية وفق هذه الرؤية تنظر إلى الفساد كمرض اجتماعي معقد ينجم عن أسباب سياسية، واقتصادية، وثقافية عميقة.
وذكر المتحدث ذاته، أن هناك قطاعات حكومية و وزارية ومؤسسات استراتيجية تسيّر أموالاً بالمليارات، وتبرم صفقات ضخمة، لكنها تظل في الغالب بعيدة عن رقابة فعلية، مع وجود اختلالات واضحة في توزيع الأجور والتعويضات، حيث يتقاضى بعض المسؤولين أجوراً تفوق راتب رئيس الحكومة بخمس مرات، مما يعكس اختلالاً في العدالة والمساءلة.
رفض تمرير مواد تعزل المجتمع عن مكافحة الفساد
وأبدى الغلوسي موقفاً من مشروع قانون المسطرة الجنائية، خاصة المادتين 3 و7، معتبراً إياهما بمثابة عوائق تعزل المجتمع عن المشاركة الفعلية في مكافحة الفساد، وتحمي فئات خاصة من المسؤولية والمحاسبة، وأكد على ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية متكاملة للوقاية من الفساد، تشمل تشريعات صارمة لتجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، إضافة إلى إصلاحات قانونية ومؤسساتية تهدف لتعزيز حكم القانون وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة.
ضرورة محاكمة الجميع واسترجاع الأموال المنهوبة
على مستوى الخطوات العملية، طالب الغلوسي ضمن التصريح ذاته، بمحاكمة جميع المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال العام، مؤكداً أن استرجاع الأموال المنهوبة عبر مصادرة ممتلكات الفاسدين هو أمر حاسم لإنهاء هذه الظاهرة التي تهدد التنمية والاستقرار الوطني، ورأى أن الربط الحقيقي بين المسؤولية والمحاسبة يجب أن يكون شاملاً ودون انتقائية، بعيداً عن التغطية السياسية أو الحماية القانونية لبعض الأطراف.
دعوة للهيئات الرقابية من أجل افتحاص شامل
واختتم رئيس الجمعية تصريحه بتجديد الدعوة إلى المجلس الأعلى للحسابات وكافة الهيئات الرقابية بإجراء افتحاص شامل وموضوعي لمالية الوزارات والمؤسسات العمومية، لا يقتصر فقط على المنتخبين والأحزاب السياسية، الذين يديرون جزءاً ضئيلاً من الأموال العمومية مقارنة بمؤسسات أخرى، مع التأكيد على ضرورة النزاهة والشفافية في جميع مستويات الإدارة العمومية.