الرئسيةبيئةدابا tvمجتمع

بسبب جشع البعض كادت أن تحصل كارثة إنسانية +فيديو

في لاربعة تغدوين وبالضبط في واد الزات ، وكما في كثير من قرى الأطلس والمغرب العميق، كانت الطبيعة تتكلم بصفاء عيون رقراقة، أشجار باسقة، وهدوء يشبه الصلاة، منطقة وُصفت ذات زمن بأنها جنة فوق الأرض، لكن الجنة، حين تُترك في يد الجشع، تتحول إلى مزبلة مدرة للدخل .

فجأة، دون دراسة، ودون ترخيص، ودون أي حس بالمسؤولية، قرر البعض تحويل مجرى الواد إلى مسابح عشوائية مدرّة للدخل، ليس حبا في السياحة، ولا بحثا عن تنمية، بل ركضا أعمى وراء الربح، على حساب الماء، والبيئة، والناس.

الواد الذي كان شريان الحياة صار حفرة استجمام عشوائية

المسابح “التقليدية” التي كادت أن تُحدث كارثة يومه الاحد 8 يونيو الجاري ، لم تكن سوى نتيجة استغلال أناني بلا ضوابط، حين انفجر أحد هذه المسابح بشكل مفاجئ، ولولا التدخل السريع لإنقاذ أرواح المصطافين، لكان المشهد أكثر مأساوية.

هذه الواقعة تطرح أسئلة ملحة، من منح الحق لأفراد أن يحولوا ملكا طبيعيا عاما إلى مشاريع خاصة عشوائية ؟ من سمح بتحويل الواد إلى وعاء للضجيج، وللعربدة، والازبال، مقابل 20 درهم و”فوطا”؟

حيث قال احد سكان  الدوار “والو كيبيعو الماء والشجر مقابل بلاستيك وبيرة وسماعات تصرخ على طول النهار وشي معقول مكاين؟

وفي  تصريح لسيدة زارت الدوار بمناسبة عيد الاضحى  قالت ” المنطقة تُستغل بلا إطار، ولا مراقبة، ولا رؤية، ولا من يحاسب، ولا من يمنع، أصبح الواد مشروع مدر للدخل خاص وبلا مسؤولية جماعية”.

إنه العبث عندما يتزين بقناع “المبادرة الفردية”، حيث لا أحد ينكر حاجة الناس للعمل والدخل لكن وفق ضوابط، ليس بعشوائية ولي الدراع  ومن يحتج أو يثير الأسئلة، يُتهم بأنه ضد “تنمية الشباب”.

هل التنمية تكون على أنقاض الطبيعة، وبثمن التلوث، والضوضاء، والفوضى؟

إن التنمية الحقة ليست مسبحا إسمنتيا في قلب الطبيعة، ولا كراسي بلاستيكية على ضفاف النهر، التنمية تعني بنية تحتية محترمة، ومرافق تحمي الماء من التلوث، وتوفر فرصا حقيقية تحترم الإنسان والمكان، وقبل كل شيء مواطنة حقيقية وشعور بالانتماء للمكان الذي تتجه اليه.

ما حدث في تغدوين ، هو استعمار داخلي للطبيعة، ونهب معلن للمجال البيئي باسم “السياحة القروية”ونموذج مصغّر لما نفعله بوطننا الذي  نستهلكه حتى الخراب.

استفيقوا أيها المسؤولون قبل أن تنفجر كارثة أخرى، وقبل أن يختنق الواد أو يحترق الجبل أو يتلوث النبع، لا تتركوا الجنة تموت، فحين تموت الطبيعة، لا يبقى إلا “الحساب”، لا الربح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى