الرئسيةبيئةمجتمع

صراع حول حقوق الرعي يهدد السلم الاجتماعي بإقليم سطات

شهدت منطقة المزامزة الجنوبية التابعة لإقليم سطات صباح الثلاثاء 10 يونيو الجاري، حادثة عنيفة تمثلت في اشتباكات متبادلة بين مجموعة من الرعاة الرحل وأهالي أحد الدواوير القريبة، أسفرت عن إصابة ستة أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، تم نقلهم فورًا إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة.

وقد أثارت هذه المواجهات موجة من القلق والتوتر بين سكان المنطقة، حيث لم تكن هذه الحادثة معزولة بل تعكس حالة متواصلة من التوتر حول ملفات حساسة تتعلق بحقوق استغلال الأراضي وممارسات الرعي الجائر.

حيثيات النزاع وأسبابه الجذرية

يعكس النزاع في المزامزة الجنوبية واقعًا معقدًا يتصل بصراع متكرر بين الرعاة الرحل وسكان الدواوير الذين يعتمدون في معيشتهم على الأراضي المحلية، و من خلال متابعة التطورات والمصادر المحلية، يتضح أن الخلاف الأساسي ينبع من تداخل المصالح حول الموارد الطبيعية، وخصوصًا الأراضي الرعوية التي تعد المورد الحيوي لكلا الطرفين، فالرعي الجائر، والذي يُعنى باستخدام الأراضي بشكل مفرط أو في غير المواسم المحددة، أدى إلى تدهور جودة هذه الأراضي، مما زاد من الاحتقان بين الفاعلين المحليين.

التداعيات الاجتماعية والأمنية

تسببت هذه المواجهات في اضطراب واضح في الأمن الاجتماعي داخل المنطقة، حيث توترت العلاقات بين السكان المحليين والرعاة، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع إذا لم تتدخل السلطات بشكل حاسم.

هذا و استنفرت الواقعة السلطات المحلية والمصالح الأمنية، التي سارعت إلى فتح تحقيق عاجل للوقوف على ملابسات الحادث، وتحديد الأطراف المتورطة وأسباب التصعيد، مع اتخاذ التدابير الضرورية لاحتواء الوضع ومنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.

أبعاد أعمق للنزاع: بين البعد القانوني والاقتصادي والبيئي

لا يمكن فصل هذا النزاع عن الإطار الأوسع الذي يشمل القضايا القانونية المتعلقة بملكية الأراضي واستغلالها في المغرب، والتي غالبًا ما تكون غير واضحة في المناطق القروية، علاوة على ضعف التنظيم القانوني أو غياب التوزيع العادل للأراضي والذي يسهم في بروز صراعات متكررة.
إضافة إلى ذلك، يبرز البعد الاقتصادي والاجتماعي، حيث يعتمد الرعاة الرحل على هذه الأراضي كمورد رئيسي لحيواناتهم، بينما يسعى سكان الدواوير للحفاظ على مواردهم الزراعية وممتلكاتهم.

من الناحية البيئية، الرعي الجائر له تأثير سلبي على التربة والنباتات المحلية، مما يؤدي إلى تدهور النظام البيئي ويزيد من هشاشة المنطقة في مواجهة التغيرات المناخية، ما يفاقم بدوره الأزمات الاجتماعية والاقتصادية للسكان.

أهمية الحلول المستدامة ومقترحات الإدارة المحلية

لمواجهة هذه التحديات، تحتاج المنطقة إلى تدخلات شاملة تتجاوز مجرد التعامل الأمني مع النزاعات، إذ من الضروري تطوير آليات تنظيمية واضحة لتوزيع واستغلال الأراضي بين الفاعلين المحليين، مع وضع خطط للرعي المستدام تشمل مراقبة استخدام الأراضي وتحديد مواسم الرعي بدقة، كما يجب تعزيز الحوار بين الرعاة وسكان الدواوير عبر لجان مصغرة تمثل جميع الأطراف، بهدف التوصل إلى اتفاقيات تحترم الحقوق وتراعي المصالح المشتركة.

إضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر دعمًا حكوميًا من خلال برامج تنموية تستهدف تحسين الموارد الطبيعية، وإعادة تأهيل الأراضي المتضررة من الرعي الجائر، إلى جانب توفير بدائل اقتصادية للرعاة الرحل تساعدهم على تقليل الضغط على الأراضي الرعوية.

تظل مواجهة النزاعات حول الأراضي الرعوية في مناطق مثل المزامزة الجنوبية اختبارًا حقيقيًا لقدرة الإدارة المحلية والمجتمع المدني على إدارة التوازن بين التنمية المستدامة والحفاظ على الأمن الاجتماعي، في ظل تحديات اقتصادية وبيئية متصاعدة تتطلب حلولًا مبتكرة وعاجلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى