اتحاد كتاب المغرب.. نحو أفق تصالحي
أزمة اتحاد كتاب المغرب اليوم لا يمكن ان يتجادل حولها اثنان. لكن انقاذ ما يمكن انقاذه، هذا هو الرهان من وجهة نظري المتواضعة. وفي هذه السطور لن أقف عند الأزمة، لكنني سأحاول اجتراح سبل الخروج من هذه الدوامة.
استهلال:
بدءً، لديه ليس من الأخلاق في شيء أن أتكلم عن أزمة اتحاد كتاب المغرب وأنا لست عضوا في هذا الاتحاد بصفة تنظيمية وبالتالي فأنا لن أكون مع تيار ضد آخر أو مع شخص ضد آخر.
وشخصيا أعتبر أن الأزمة الراهنة لاتحاد الكتاب المغربي هي تصغير للأزمة التي تعيشها النخب المغربية خاصة ذات التوجه اليساري، فلا يخفى على أحد أن الاتحاد صار تحت سيطرة اليسار المغربي منذ السبعينيات، وكان اتحاد كتاب المغرب واجهة من واجهات الصراع بين التيار اليساري والمخزن. ثم جرت مياه كثيرة تحت جسر اليسار، جزء منه التحق بأحزاب اليمين وجزء انخرط مع البناء الدولتي….. وبقي جزء آخر وفيا لقيم الصراع البارزة. هكذا صار اليوم الجسم الثقافي والسياسي المغربي منقسم إلى فريقين:
– فريق متشبث بأطروحته الصدامية مع “المخزن” على الرغم من عدم قدرته على تعريف “المخزن” وكيفية تجاوز “المخزن” الذي صار كائنا هلاميا و خرافيا ينتمي للأسطورة أكثر من انتمائه للواقع.
– تيار يؤمن هو الآخر ب”المخزن” وانه هو القادر والفاعل الوحيد في الساحة و بالتالي وجب الانخراط في سياسة هذا “المخزن” والتطبيل له في كل المحافل، جعلت الثقافة المغربية والسياسة المغربية رهينة ثنائية.
من داخل هذه الثنائية المرضية والمصطنعة – حسب تعبير نبيلة منيب – هناك جيل جديد من الكتاب غير معني بهذا الصراع بين الكائنات الهلامية – يسار مخزن- وهو يحاول أن يثبت جدارته لكنه خارج الهياكل اليوم.
كتاب خارج الاتحاد
إيمانا مني بأن اتحاد كتاب المغرب يمثل أو يجب أن يمثل كل الكتاب المغاربة، فإنني أدلو بدلوي في هذا الجب أحاول أن أملأه بالحب.
و أشير إلى أن هناك اليوم أجيال جديدة من الكتاب غير ممثلة داخل اتحاد كتاب المغرب ، و أن اتحاد كتاب المغرب لا يمنه أن يحصل – أخلاقيا- على صفة تمثيلية جميع الكتاب ما لم يمثل داخله جميع الكتاب أجيلا و تيارات متعددة، هذه الأجيال التي أتكلم عنها تنقسم إلى نوعان:
1- النوع الذي تم إقصاؤه عمليا سواء من خلال رفض عضويته جملة و تفصيلا أو دفع بعض الكتاب للتنحي بعيدا عن الصراعات البيزنطية لبعض الأعضاء.
2- وهناك قسم آخر لم يبث أساسا في طلب عضويتهم لاتحاد كتاب المغرب نظرا لأن لجنة النظر في طلب العضوية لم تنعقد.
هؤلاء المقصيون سواء كان إقصاءً ماديا أو إقصاءً إداريا، يجب أن يمثلوا داخل المؤتمر القادم. كيف ؟
المصالحة بين الكتاب شرط نجاح المؤتمر
أعتقد أن شرط نجاح المؤتمر القادم لاتحاد كناب المغرب يبقى رهينا أساسا بشرط المصالحة بين الكتاب وعليه أظن ان تفعيل لجنة العضوية داخل اتحاد كتاب المغرب بشكل استثنائي لمدة محددة زمنيا، تعيد النظر في الطلبات التي تم رفضها أولا، ثم الطلبات الجديدة المقدمة من طرف الكتاب انطلاقا من 2015، وأيضا المصالحة مع الكتاب المنسحبين وتفعيل مسطرة منح العضوية لبعض الأعضاء الساخطين، ويجب أن ينتهي دور هذه اللجنة قبل عقد المؤتمر الاستثنائي بحوالي الشهر من أجل السماح لكل هؤلاء بالمشاركة في المؤتمر.
لماذا اتحاد كتاب المغرب !
يعتقد كثير من الكتاب الجدد اليوم بأنه لا داعي لوجود اتحاد كتاب المغرب وأن الاتحاد ينتمي إلى الماضي، ينتمي لتلك القطبية الثنائية التي لا تعني لهم شيئا.
فليسمح لي إخواني الكتاب بأن أختلف معهم في هذا المضمار و أن أخبرهم بأن الكتاب في العالم أجمع ينضوون تحت جمعية كبرى أو نقابة تمثلهم وتدافع عن مصالحهم وعليه فإن اتحاد كتاب المغرب، بما يحمله من تاريخ رمزي. لهو المنظمة التي تستطيع الاضطلاع بهاته المهمة.
فالمطلوب من اتحاد كتاب المغرب أن يدافع عن القيمة الرمزية للكتاب و الكاتب و أن يدافع أيضا على دوره الفعال داخل المجتمع.
و لا أرى ضيرا أن يتحول اتحاد كتاب المغرب إلى نوع من النقابة دون أن يحمل هذا الاسم، فالاتحاد من وجهة نظري، يجب أن يطالب بحقوق موازية على الأقل الحقوق التي ينالها الفنان المغربي في التنقل والمبيت والتطبيب وغيرها، ولعل حالات بعض الكتاب تدعونا إلى هذا التفكير بالجدية المطلوبة.
كما أن الاتحاد مطالب أيضا بالدفاع عن الكاتب من خلال – كما الشأن في فرنسا مثلا – وضع نموذج عقد نشر يحترم الكاتب العضو في الاتحاد و يحمي أيضا حقوق دار النشر.
ختاما، أتمنى أن ينجح اتحاد كتاب المغرب في لم شمل جميع الكتاب وأن يصير عنوانا جميلا للتعدد والاختلاف ولاستشراف المستقبل.