في مدينة تزخر بأصالة التاريخ وعبق الفضة، أطلقت جماعة تيزنيت جائزة “الصانع التقليدي المبدع” لسنة 2025، في خطوة رمزية وعملية للاعتراف بعطاء الحرفيين الذين لا يكتفون بحفظ التراث، بل يضيفون اليه من روحهم وابتكارهم ما يضمن استمراره ونبضه بالحياة.
الجائزة، التي تأتي بشراكة مع المديرية الاقليمية للصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، ليست فقط درعا تكريميا، بل رسالة امتنان من المدينة لصناعها، اولئك الذين يشتغلون بصمت، بايد تَشق تفاصيل الجمال في الخشب والفضة والجلد والنحاس، وبقلوب مؤمنة بان الحرفة ليست فقط مورد رزق، بل هوية وهواء وتاريخ.
تثمين مجهودات الصانعات والصناع الذين حافظوا على روح المدينة
وفي هذا السياق، قال رئيس جماعة تيزنيت، عبد الله غازي، إن الجائزة تأتي “لتثمين مجهودات الصانعات والصناع الذين حافظوا على روح المدينة وهويتها عبر أجيال”، مضيفا أن “الاعتراف بالتميز الحرفي ليس ترفا، بل ضرورة تنموية وثقافية، وجزء من رؤيتنا لتعزيز الاقتصاد المحلي المبني على المهارات التقليدية”. واكد ان الجماعة تعمل على مأسسة الجائزة وجعلها موعدا سنويا قارا، يُسهم في تحفيز الابداع داخل القطاع ويوفر فضاء للتعريف بكنوز بشرية حية تستحق التقدير.
النسخة الاولى للجائزة ستمكن من ابراز نماذج نسائية ورجالية ظلت لعقود تعمل من خلف الرفوف، خارج عدسات الكاميرات، لكنها تملك من الابداع والبراعة ما يستحق ان يُروى ويُحتفى به. وهي دعوة مفتوحة لكل من يرى في نفسه حارسا للمهارة التقليدية، ان يتقدم، لا فقط لينافس، بل ليجعل من حرفته قصيدة تُقرأ في محافل الاعتراف الجماعي.
تيزنيت عاصمة الفضة
تيزنيت، التي طالما كانت عاصمة الفضة، تضيف اليوم فصلا جديدا لكتابها، فصلا تُكتبه بايدي الحرفيين ووجوههم المغمورة بنور الشغف والمقاومة. فأن تكون صانعا في زمن التصنيع السريع، يعني ان تختار الصبر بدل السرعة، والاتقان بدل التكرار، وان تكون مبدعا، يعني ان تحوّل ادواتك البسيطة الى ادوات مقاومة ثقافية وصمود اقتصادي.
ويبقى السؤال المفتوح” هل ستكون هذه الجائزة مجرد التفاتة رمزية، ام بداية مسار حقيقي لرد الاعتبار لقطاع الصناعة التقليدية ومهنيه؟ وهل سيجد الصانع المغربي، من تيزنيت الى فاس، من يضمن له الحماية القانونية، والولوج الى التمويل، ومكانا ضمن رواية الوطن التنموية؟”
الجوائز مهمة، لكن الاهم هو الاعتراف اليومي، والسياسات التي تؤمن للمهارات الاستمرارية، وللحرفيين الكرامة. في انتظار ذلك، تبقى مبادرة تيزنيت شعاعا جميلا في زمن يحتاج فيه الابداع اليدوي الى كل اشكال النور.