الرئسيةمجتمع

في اليوم العالمي للطفل الافريقي: أطفال بين التحدي والامل

بقلم: بثينة المكودي

في كل 16 من يونيو الذي يعد اليوم العالمي للطفل الإفريقي، يعود العالم  ليحيي ذكرى مجزرة سويتو، حين خرج أطفال سود في جنوب إفريقيا عام 1976 مطالبين بحقهم في تعليم عادل، فقوبلوا بالرصاص.

وبينما يعلو صوت الشعارات اليوم دفاعا عن حقوق الطفولة الإفريقية، لا تزال الشوارع في مدن كثيرة، من نيروبي إلى الدار البيضاء، تحضن وجوها صغيرة تحترف التسكع، وتتعلم النجاة قبل الأحرف.

 طفولة تتخد الشارع مأوى

في كل رصيف من أرصفة العواصم الإفريقية، هناك قصة صغيرة لا تجد من يرويها، أطفال ينامون على الأرصفة، يقتاتون من فتات المزابل، ويهربون من عنف الأسرة أو قسوة الفقر، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الانحراف، الإدمان، والاستغلال بكل أشكاله.

في المغرب، كما في نيجيريا أو الكاميرون، تقول الجمعيات الحقوقية إن العدد الحقيقي لأطفال الشوارع يبقى أكبر بكثير من الأرقام الرسمية، نظرا لعدم وجود تعريف دقيق لهم، ونظرا لتداخل الظاهرة مع الهدر المدرسي، والتشرد، والتسول …

بين العنف والإفلات من الحماية

غالبا ما يكون هؤلاء الأطفال ضحايا عنف أسري أو نزاعات عائلية أو فقر مدقع، يدفعهم إلى الهروب نحو المجهول، لكن الأخطر أن الشارع نفسه يتحول إلى بيئة طاردة، حيث يصبح العنف مشهدا يوميا، والسلطة غائبة أو متورطة في الإهمال.

تقول زينب الخياطي، فاعلة جمعوية تعمل مع الأطفال في وضعية صعبة، إن “الطفل حين يفقد حماية الأسرة ولا يجد بديلا مؤسساتيا آمنا، فإننا نكون قد تخلينا عنه مرتين، وتركناه فريسة سهلة للشارع، بكل ما فيه من شبكات مخدرات واستغلال جنسي وعنف نفسي”.

إفريقيا تنجب الأمل… لكنه هش

رغم قتامة الواقع، لا تغيب عن القارة نماذج مضيئة، من مبادرات تعليمية بديلة، إلى مشاريع إدماج اجتماعي يقودها شباب من أبناء الأحياء الهشة أنفسهم، ففي السنغال، مثلا، تزايدت مشاريع “المدارس المجتمعية”، وفي كينيا نُفذت حملات توعية داخل الأحياء الصفيحية لدمج أطفال في وضعية الشارع في برامج التعليم غير النظامي.

لكن تبقى هذه المبادرات محدودة في غياب إرادة سياسية قوية، واستراتيجيات وطنية تحوّل الاتفاقيات الدولية إلى إجراءات فعلية، تضمن حق الطفل في بيئة آمنة، وتعيد له حقه في الحلم.

المغرب والمونديال… صورة مشرقة تخفي وجوها منسية

وبينما يتهيأ المغرب، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، لتنظيم مونديال 2030، وتُرصّف الطرق وتُشيد الملاعب وتُخصص الميزانيات الضخمة لتحسين البنية التحتية، تظل فئة من الأطفال في الشوارع، بعيدين عن عدسات الكاميرا وأجندات التنمية. أطفال ينامون قرب محطات القطار والحافلات ، وتحت جسور المدن الكبرى، يمسحون زجاج السيارات، ويطاردهم البرد في الشتاء، واللامبالاة طوال العام.

إذا كان المونديال فرصة لتلميع صورة البلد أمام العالم، فإن اختبار الكرامة يبدأ من هنا” من قدرة الدولة على احتضان أطفالها قبل استقبال مشجعي العالم.

فهل سيكون للمغرب “مونديال بلا أطفال في وضعية الشارع”، أم تظل الملاعب مضيئة والطرقات مرممة، فيما الطفولة الهشة تواصل حياتها في العتمة.

أين هو حق الطفل الإفريقي في 2025؟

تجدر الاشارة الى انه ولحدود سنة 2025، لا تزال مؤشرات الفقر والهدر المدرسي والتزويج القسري تطال ملايين الأطفال في القارة السمراء، وبينما يتزايد الإنفاق على الأمن والجيوش، تُترك المدارس للانهيار ، وتُغلق مراكز الإيواء بسبب ضعف التمويل، وتُحمّل الجمعيات ما لا طاقة لها به.

الأطفال في وضعية الشارع ليسوا مجرد “مشكل اجتماعي”، بل مرآة صادمة لسياسات لا ترى الإنسان، ولا تعتبر الطفولة استثمارا استراتيجيا.

وفي هذا اليوم الرمزي، يظل السؤال معلقا،هل تكفي الذكرى وحدها، أم آن الأوان لإرادة تعيد الاعتبار لطفولة تُسرق كل يوم على قارعة الطريق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى