الرئسيةبيئةدابا tvمجتمع

عاصفة منتصف الليل…أكادير تحت غضب السماء+فيديو

بقلم: بثينة المكودي

بعد نهار قائظ وحرارة خانقة، بدا كل شيء ساكنا في أكادير مع حلول الليل، لكن ما لم يكن في الحسبان، أن المدينة كانت على موعد مع واحدة من أكثر العواصف الرعدية شراسة خلال السنوات الأخيرة.

ليلة من الجنون السمائي..

منذ منتصف الليل تقريبا، وسماء المدينة تتقلب على وقع أصوات الرعد المتتابعة، كأنها طبول غاضبة تعلن عن عراك كبير بين السحب والصواعق.

طوال ليلة أمس متواصلة من البرق والرياح والأمطار المتقطعة والمحملة بالثلوث، حوّلت هدوء الليل إلى مسرح للفوضى السماوية.

الناس لم يناموا

النوافذ ارتجت، والأبواب اهتزت، والقلوب خفقت على إيقاع لم تعهده المدينة الهادئة منذ سنوات.
بعض الأطفال بكوا خوفا وبعض الأسر أطفأت كل الأجهزة الكهربائية تفاديا لأي تماس، والبعض الآخر التقط صورا وفيديوهات أراد أن يوثق بها هذا الجنون السماوي، لعلها تصبح بعد حين من مواد الذكرى أو التسلية.

عاصفة تمرّ… لكن الأسئلة تبقى

لكن خلف المشهد، تسكن أسئلة ثقيلة، ماذا لو كانت هذه العاصفة أطول؟ ماذا عن البنيات التحتية؟ شبكات الكهرباء؟ قنوات التصريف؟وماذا عن الناس الذين يعيشون في مساكن هشة، أو من لا سقف لهم أصلا؟

نعم، انتهت العاصفة، وغادر الرعد سماء المدينة، لكن آثارها ما زالت عالقة في النفوس، وربما حان الوقت لنتعامل مع تقلبات المناخ باعتبارها حقيقة حاضرة، لا مجرد “مفاجآت جوية” عابرة،لقد حان الوقت  لنُعيد طرح السؤال المؤجل هل مدننا مستعدة فعلا للطقس الغاضب؟

الواقع أن العاصفة لم تكن فقط تقلبا جويا عابر، بل إنذار ضمني لما تسببه أيدينا، صار مؤكدا أن الإنسان، بما يخلّفه من نفايات وبما يستهلكه دون وعي، يساهم بشكل مباشر في اختلال التوازن المناخي؛ السيارات التي تنفث السموم، المصانع التي تعمل بلا مراقبة، الغابات التي تحترق والاشجار التي تقتلع لتحل محلها الإسمنت، والمنازل التي تبنى حيث كان يجب أن تبقى الأرض تتنفس.

حين يختل التوازن… 

إن هذه كل هذا الجنون الإنتاجي والاستهلاكي يجعل الفصول مشوشة، والعواصف أكثر عنفا، والطقس خارج المنطق.
تجدر الاشارة الى ان مدننا لم تعد قادرة على مقاومة هذا التغير، لأنها لم تصمم على مبدأ الانسجام مع الطبيعة، بل على منطق الاستهلاك السريع والربح الأسرع.

من أجل وعي بيئي جديد

ما نحتاجه اليوم ليس فقط التكيف، بل تغيير فعلي في نمط حياتنا، إذ من الضروري أن نفكر بشكل محلي في حلول بيئية ملموسة مثل تدوير النفايات، والتشجيع على النقل النظيف، حماية الغطاء النباتي، وإقرار قوانين تضع حدا للفوضى العمرانية والتلويث الصناعي.

لكن البداية الحقيقية تبقى في وعي كل فرد بدوره، والمساهمة في مقاومة انهيار الطبيعة، وذلك برمي كل قنينة بلاستيكية في مكانها، وإطفاء كل جهاز عندما لا تكون الحاجة إليه، أن نقاوم بكل شجرة تُزرع، وبكل خطوة صغيرة نحو مناخ أكثر عدلا وهدوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى