الرئسيةرأي/ كرونيك

إن لم تستطع فَبِقلمك..(حين تصير المقاومة شرطًا لوجودكَ الإنساني)

بقلم الناشط الحقوقي والإعلامي: رشيد البلغيثي
ملي كا يشوف الإنسان مآسي التاريخ، من محاكم التفتيش إلى النازية، ومن الاستعمار إلى الفصل العنصري والإبادات الجماعية.. فإنه، إن كان حيّ الضمير، لا يخرج منها إلا بقرار واحد: أن يقاوم !
المقاومة، هنا، ليست شعارا ولا رغبة في الصراع. بل هي موقف من العالم، هي شكل من أشكال الوفاء للعدالة، شكل من الترفع عن الاصطفافات العقائدية، العرقية، الطائفية أو السياسية.
الإنسان المتشبع بالفضيلة يرى أن الكرامة لا تُجزأ، وأن المظلومية لا تحتاج إلى دم او دين مشترك ليشعر بها، بل إلى قلب حي وفكر حر.

المقاومة إيديولوجية الإنسان الحقيقي

من هذا المنظور، تصبح المقاومة أيديولوجية الإنسان الحقيقي. الإنسان الذي خرج من شرنقة الأنانية واللامبالاة، والذي لم يعد يطلب لنفسه خبزا، وفقط، بل يطلب للآخر، أيضا، بعض النور.
☆ ☆ ☆
الفضيلة، ليست مفهوما أخلاقيا ضيقا، بل تلك القدرة العميقة على التمييز بين الخير والشر، وعلى الانحياز لما هو عادل وجميل حتى في أحلك الظروف. الفضيلة ليست مفردة في كراس روسو بل طاقة حية.. ولأن الإنسان كائن عاقل، قادر على التذكر والتفكر، فإن الفضيلة تنبع فيه من استيعابه للمآسي، من دراسته للتاريخ، ومن اقتناعه بأن العدالة ليست حلمًا، بل ضرورة. الفضيلة منبع المقاومة.
الذين خرجوا هذه الأسابيع إلى شوارع باريس ولندن، الذين اعتصموا في باحات جامعات نيويورك وميشيغان وهارفارد، الذين رفعوا لافتات في الرباط والدار البيضاء وطنجة وجاكارتا ودكار ضد الظلم، الذين تقدموا بأروقة المحكمة الجنائية الدولية من جنوب إفريقيا مدافعين عن ضحايا الحروب والمجازر… كلهم، دون اتفاق مسبق أو مؤتمر تأسيسي، ينتمون إلى تيار واحد: تيار المقاومة.
هم لا يرفعون نفس الشعارات، ولا يتكلمون نفس اللغة، لكن ما يجمعهم هو شعور خارق وحارق بأن هناك خطأ ما في هذا العالم، وأنه من غير الأخلاقي السكوت عنه. هؤلاء هم ملمح الإنسانية في زمن التحوش، حيث صار دك الأحياء السكنية “عمليات استباقية”، وتمزيق أجساد الأطفال “حق دفاع”، وحصار الملايين وتجويعهم “أداة ضغط”.
☆ ☆ ☆
في أحد دروسه، قال فيلسوف معروف : الآخر هو بداية العدالة !
المقاومة ليست فعلًا سياسيا… إنها فعل إنساني.
المقاومة ليست خيارا… إنها شرط وجود.
من رأى منكم احتلالا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبقلمه وذلك أضعف الإيمان ‼️

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى