الرئسيةرأي/ كرونيكرياضةفي الواجهة

نهائي كأس العرش.. مباراة في كرة القدم وانتهت

عبد اللطيف فدواش

انتهى العرس الكروي بتتويج نادي أولمبيك آسفي بلقب كأس العرش لكرة القدم (2023-2024)، لأول مرة في تاريخه، عقب فوزه في نهائي شيق على نهضة بركان، مساء الأحد، بالمركب الرياضي لفاس.

وكانت المباراة عرسا لكرة القدم الوطنية، أتته الجمهور الذي ملأ جنبات الملعب، لما لهذه المباراة من أهمية بالنسبة لجمهور الفريقين، فمن جهة، كان أولمبيك آسفي، وجماهيره يطمحان للتتويج باللقب الأول في تاريخ نادي حاضرة المحيط، ومن جهة أخرى، كان نهضة بركان، وجماهيره يسعيان نحو لقب رابع في المسابقة، وثلاثية تاريخية هذا الموسم، بعد لقبي البطولة الوطنية الاحترافية وكأس الكونفدرالية الإفريقية.

وكان الحظ إلى جانب أولمبيك آسفي، بعد الاحتكام لضربات الترجيح الحاسمة (6-5)، بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل (1-1)، ليتوج بأول لقب في تاريخه، منذ تأسيسه سنة 1921، تحت اسم الاتحاد الرياضي لآسفي، قبل تغيير اسمه موسم 1977 – 1978، وأصبح، فيما بعد، يحمل اسم نادي الوداد الرياضي لآسفي، وفي موسم 1986–1987 أصبح اسمه نادي أولمبيك آسفي.

عبد اللطيف فدواش
بغض النظر عن نتيجة المباراة، ومجرياتها، التي يمكن تسجيل بعض الملاحظات حولها، سواء على مستوى التحكيم أو ممارسات بعض اللاعبين، وحتى بعض المسيرين، يجب الإشارة إلى أن المباراة جرت في أجواء تطبعها الروح الرياضية، وانتهت في أجواء رياضية، رغم ما سبقها من أجواء مشحونة، القليل منها يدخل في إطار المنافسة الرياضية، والكثير منها يصنف ضمن التعصب، الذي يفسد الرياضة.

للأسف أن تألق فريق النهضة البركانية، العريق في التاريخ، أيضا، تأسس سنة 1938، وسيطرته على منافسات البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، وكذا على منافسات كأس الكونفدرالية الإفريقية، لم يأخذه بعض المحبين للفرق التاريخية، خاصة الثلاثي الوداد والرجاء والجيش الملكي، على أنه نتيجة جهود، وبناء، وعمل لسنوات، وتدبير محكم، سواء برئاسة فوزي لقجع، الذي أعاد الفريق إلى المكانة التي يستحقها أو من طرف الذي خلفه حكيم بنعبد الله.

وبالمناسبة لابد من تذكير الجمهور المتعصب للأندية، التي ظلت تسيطر على البطولة، لسنوات مضت، بهذا التقدم والتطور الذي شهده النادي البركاني، بأنه جاء نتيجة عمل لسنوات، مقابل ارتباك تدبيري، خاصة في صفوف الرجاء والوداد، وشرعوا في نشر السموم، في الكواليس، وسط المحبين، بالهجوم على النهضة، لا لشيئ سوى لأن رئيسها السابق فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وهم يعلمون علم اليقين أن الرجل له بصمته ليس فقط على النهضة أو كرة القدم المغربية بشهادة الجميع، وإنما على فرق كانت تتهاوى فأنقذها من الانهيار.

إن النتائج التي حققها الفريق البركاني على المستوى الوطني نتائج مستحقة، ونتيجة عمل ومتابرة، عمل إداري وتقني، ولسنوات، وهو ما تعكسه نتائج الفريق، أيضا، على المستوى القاري، الذي دأب على تشريف كرة القدم الوطنية قاريا، وأمام أعتى الفرق، عكس فرق ودعت المنافسات مبكرا، بما فيها الرجاء والجيش.

إن تتويج الفريق بلقب البطولة الوطنية لم يأت صدفة، وإنما نتيجة عمل لسنوات، وهو ما جعله يحسم اللقب باكرا، بما مجموعه 70 نقطة، من 21 فوز، و7 تعادلات، وهزيميتن، ويؤكد ذلك تتويجه، أيضا، بكأس الكونفدرالية الإفريقية، وكان على بعد خطوة من التتويج بلقب ثالث، كأس العرش، لولا ضربات الترجيح، في انتظار التتويج بكأس السوبر.

الحملة التي يشنها البعض لا تخرج عن نطاق التعصب، وإلا كيف نقبل بتتويج الرجاء الرياضي سنة قبل ذلك بلقب البطولة، بما مجموعه 72 نقطة، وبدون هزيمة، نعم دون هزيمة، ونسترخص اللقب على بركان.

إن التعصب في كرة القدم، وخاصة محبي أندية بعينها، الرجاء والوداد، والجيش، ضد فريق نهضة بركان، أصبحت ظاهرة سلبية تتجلى في سلوكيات غير رياضية، من قبل بعض المشجعين تجاه الفريق البرتقالي أو الحكام أو حتى تجاه بعضهم البعض.

وللأسف أن هذا التعصب بدأ يتخذ أشكالاً متعددة، خاصة العنف اللفظي، واستخدام الشعارات المسيئة، والتهجم على اللاعبين والحكام.

إن الحماس الزائد لبعض المشجعين لدرجة مفرطة، يدفعهم للتصرف بشكل غير لائق، إذ يعتبر بعضهم أن فريقه هو “الأفضل” ولا فريق آخر يوازيه ولا مثله، مما يجعله يرفض الهزيمة، علما أن المباراة هزيمة أو فوز وأضعف الإيمان تعادل، والبطولة أو الكأس لا يمكن أن تكون حكرا على فريق أو اثنين، والدليل أن 19 فريقا مغربيا تناوب على لقب الكأس بما فيها فرق من الدرجة الثانية، مثل الاتحاد البيضاوي في 2018 ومجد المدينة القديمة في وقت سابق.

وتلعب بعض وسائل الإعلام، للأسف، دورا سلبيا، في هذا الإطار، في تأجيج التعصب من خلال التركيز على الجوانب السلبية في كرة القدم، والتحيز لفريق أو فرق على حساب أخرى، لاستقطاب جماهيرها العريضة أو لارتباط الصحافي بالفريق، خاصة الرجاء والوداد، وهي الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

كما أن غياب الوعي الرياضي لدى بعض المشجعين، خاصة في ما يتعلق بأهمية اللعب النظيف والروح الرياضية، وغياب التأطير من الجمعيات، التي تركت دورها في التأطير، للمجموعات (الألتراس)، التي أغلب قادتها شباب يبدعون في المدرجات، لكن يفتقدون للحنكة والخبرة، ساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة التعصب.

كما أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية قد تلعب دوراً في الزيادة من منسوب وحدة التعصب لدى بعض المشجعين، مما قد يؤدي إلى أعمال العنف والشغب في الملاعب وخارجها، ما ييسيء إلى صورة الرياضة عموما، وكرة القدم، ويقلل من قيمتها كمجال حيوي لترسيخ الروح الرياضية والتسامح.

للأسف أن نهضة بركان أكثر الفرق المغربية معاناة من التعصب، ليس وطنيا، فقط، بل أيضا، على المستوى القاري، ويكفي استحضار أحداث ملعب 5 جويلية بالجزائر العاصمة، في مباراة نهضة بركان أمام اتحاد العاصمة حيث تعرض الفريق المغربي لمضايقات في مطار الجزائر وأثناء المباراة.

واليوم بعد نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي، وما شهدته المباراة من جدل تحكيمي، من الواجب أن نطوي هذه الصفحة، بانتهاء المباراة في جو رياضي، أبان عنه الجمهوران، ولنصفق للفائز، وللمنهزم، أيضا، نهضة بركان، الذي شرف كرة القدم المغربية، ورفع العلم المغربي عاليا.

إنها مباراة في كرة القدم، تنتهي بصافرة الحكم، وعلى الفرق التي خرجت من المولد دون حمص، أن تقف وقفة تأمل في مآلها، وأسباب تواضعها، لأن الأزمة داخلية، ولا يجب تصديرها إلى فرق أخرى، وعليها أن تستفيد من تجربة فرق صغرى بدأت تكبر، وتحقق نتائج إيجابية، لأنها مهيكلة، وتتطور بسرعة مثل نهضة بركان، واتحاد الفتح الرياضي، واتحاد تواركة، الذي لعب نصف نهائي كأس العرش، ونهائي التميز، وأولمبيك الدشيرة، المتوج بكأس التميز، فيما تتخبط الوداد والرجاء في أزمة التسيير، وبدأت تلجأ لمسيرين من خارج منخرطيها.

خلاصة: يجب أن نستفيد من جمهور ومسيري نهضة بركان، رغم الهزيمة هنؤوا الفائز، ولم يعلقوا الهزيمة على مشجب خطأ التحكيم، خاصة الضربة الترجيحية الأخيرة، التي يمكن أن تكون الكرة تجاوزت خط المرمى رغم أن حارس أولمبيك آسفي تصدى لها، حيث كتبت إحدى صفحات النهصة على الفيسبوك “احد الصحافيين الافارقة يشكك في عدم صحة ضربة جزاء، هل تجاوزت الكرة خط المرمى والحارس يحتضنها من الداخل؟ هل اخطأ الحكم؟ .. طبعا نحن لانبحث عن مبررات الهزيمة فالقرش المسفيوي كان قرشا اليوم ويستحق الكأس ونبارك له”. وبه وجب الختام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى