الرئسيةسياسةمجتمعميديا وإعلام

نقابة إعلام واتصال تعترض على مشروع الحكومة بخصوص تنظيم مجلس الصحافة

اليوم، المعركة ليست تقنية ولا قطاعية فقط، بل هي معركة من أجل كرامة المهنة واستقلال الكلمة، ومن أجل ألا يُكتب مستقبل الصحافة في الكواليس المغلقة، بل على طاولة الحوار، وبمداد المهنيين أنفسهم

بقلم بثينة المكودي

في مشهد يعبّر عن وجود مساحات اختلاف بين الجسم الصحافي والحكومة، خرج المكتب الوطني للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، ببلاغ شديد اللهجة يندد بمشروع القانون رقم 25-26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، معتبرا أنه يشكل تراجعا خطيرا عن روح التنظيم الذاتي واستقلالية الحقل الإعلامي، ويضرب عرض الحائط بمبدأ المقاربة التشاركية.

الاجتماع الاستثنائي الذي عقده المكتب الوطني يوم الاثنين 14 يوليوز الجاري، لم يكن لقاء عاديا، بل محطة نضالية بامتياز خُصصت لتدارس ما وصفته الجامعة بـ”الهجمة المزدوجة” للحكومة، حيث من جهة، تمرير مشروعين قانونيين يمسان صميم حرية الصحافة دون أي تشاور مع الهيئات المهنية، ومن جهة أخرى، التغاضي عن ممارسات رئيس اللجنة المؤقتة التي بلغت حد طرد صحافيين نقابيين وتعريضهم للتشريد المهني.

مشروع يجرد المجلس الوطني للصحافة من وظيفته الأخلاقية والمهنية ويحوله إلى أداة زجرية بيد السلطة

وتذهب الجامعة أبعد من مجرد النقد، معتبرة أن طريقة إعداد وتمرير هذا المشروع تجرد المجلس الوطني للصحافة من وظيفته الأخلاقية والمهنية، وتحوله إلى أداة زجرية بيد السلطة، بدل أن يكون آلية مستقلة لحماية شرف المهنة وأخلاقياتها، فبدل من دعم التجربة المغربية الفتية في مجال التنظيم الذاتي، يتم الدفع بها نحو التبعية والتقزيم.

وفي قراءة تفصيلية لمضامين المشروع، تبرز 4 نقاط جوهرية أثارت رفض الجامعة، أولها تغييب الحوار المؤسساتي والتجاهل المتعمد لملاحظات المهنيين، وثانيها تغيير نمط الاقتراع من اللائحة إلى الفردي المباشر، مما يُضعف فعليا تمثيلية الصحافيين ويقصي التنظيمات النقابية، أما ثالثها، فهو إلغاء مبدأ انتخاب ممثلي الناشرين، ما يكرس منطق الهيمنة المالية على حساب التنوع والتعدد داخل المشهد الإعلامي، فيما رابعها يتمثل في منح صلاحيات زجرية واسعة للمجلس، تصل حد توقيف الصحف، دون المرور عبر السلطة القضائية.

دعوة إلى تنسيق نضالي موسّع بين مختلف الفاعلين النقابيين والجمعويين في قطاع الإعلام

أمام هذا المنعطف، توجه الجامعة الوطنية للصحافة نداء عاجلا إلى البرلمان، أغلبية ومعارضة، من أجل إدخال تعديلات جوهرية على مشروع القانون، تستند إلى المقترحات التي تقدمت بها النقابات المهنية منذ ماي 2024.

كما دعت إلى تنسيق نضالي موسّع بين مختلف الفاعلين النقابيين والجمعويين في قطاع الإعلام، دفاعاً عن استقلالية المهنة وحق المجتمع في إعلام حر وتعددي.

إن المشروع الحالي، كما ترى الجامعة، لا يُعيد فقط عقارب التنظيم المهني إلى الوراء، بل يشكل أيضا مؤشرا على نزعة سياسية مقلقة تروم تضييق فضاء الحريات، وتقويض أي تجربة ديمقراطية ناشئة داخل الحقل الإعلامي، فهل تنصت الحكومة لأصوات الصحافيين قبل فوات الأوان؟، أم أن المقصلة القانونية ستُسدل على ما تبقى من هامش التنظيم الذاتي.

محاولة ممنهجة لتفريغ التنظيم الذاتي من روحه

جدير بالذكر أن ما يجري اليوم ليس مجرد نقاش قانوني حول مشروعينن يعاد تمريرهما في غرف التشريع، بل هو اختبار حقيقي لمدى إيمان الدولة بحرية الصحافة كعمود من أعمدة الانتقال الديمقراطي، وليس كواجهة للزينة المؤسسية، فحين يُقصى الصحافي من صياغة القوانين التي تُعنى به، ويُطرد النقابي من مؤسسته بدعوى “الإصلاح”، ويفُتح الباب واسعا أمام المال والولاء بدل الكفاءة والانتماء المهني، نكون أمام محاولة ممنهجة لتفريغ التنظيم الذاتي من روحه، وتحويله إلى هيكل صوري تابع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى