
سحب لبيان ل”الأزهر” بشأن تجويع غزة وتعليق إسرائيل +نص البيان قبل الحذف
أثار بيان «محذوف» للأزهر حول «المجاعة» في قطاع غزة جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حول أسباب حذف البيان، الذي طالب بـ«تحرك فوري» لإنقاذ الأبرياء
وكان نشر الأزهر بياناً عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء أول أمس الثلاثاء، قبل حذفه، ما دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي لتداول صور البيان المحذوف، الذي يطلق فيه شيخ الأزهر «نداء عالمياً عاجلاً يستصرخ فيه أصحاب الضمائر الحيّة لتحرك فوري لإنقاذ أهالي غزة من المجاعة القاتلة»، مجدداً رفضه تهجير سكان القطاع من أراضيهم.
وذكرت مصادر مطلعة وفق ما نشره لـ”العربي الجديد” عن تعرّض شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، لضغوط شديدة من جهات عليا في الدولة المصرية، بهدف سحب بيان أصدره الأزهر حول المجاعة في قطاع غزة وجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين، واصفةً البيان بأنه يتعارض مع “المسار الذي تسلكه الإدارة المصرية” حالياً.
نشر البيان عبر مختلف المواقع الصحافية المصرية
واستنادا للمصدر ذاته،ذكر أنه وبحسب المصادر، جرى نشر البيان بالفعل عبر مختلف المواقع الصحافية المصرية، بما في ذلك منصات إعلامية مملوكة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التابعة لجهاز المخابرات العامة، قبل أن يصدر توجيه عاجل من الأزهر بحذفه بدعوى أنه “قيد التعديل وسيُعاد نشره”، وهو ما لم يحدث لاحقاً. وأكدت المصادر أن هذا الحذف لم يكن نابعاً من رغبة داخل المؤسسة الدينية، بقدر ما جاء استجابةً لطلب مباشر من جهات عليا في الدولة، أبلغت شيخ الأزهر بأن “الدولة تسلك مساراً دبلوماسياً حساساً في الملف الفلسطيني، وأن صدور مثل هذا البيان قد يؤثر سلباً على هذا المسار”.
انتقد البيان المحذوف ما «يمارسه الاحتلال من تجويع قاتل ومتعمد لأهل غزة
وانتقد البيان المحذوف ما «يمارسه الاحتلال من تجويع قاتل ومتعمد لأهل غزة»، وعدّه «جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان».
إعلام الاحتلال الإسرائيل يعلق
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، بينها موقع “srugim” الإخباري والقناة 12، عن مصادر مطلعة أن الأزهر استجاب لطلب رسمي بحذف البيان.
ولفتت التقارير إلى أن هذه الخطوة تكتسب أهمية خاصة نظرا للمكانة الدينية الرفيعة التي يتمتع بها الأزهر في العالم الإسلامي.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادرها أن الضغوط على الأزهر جاءت في إطار “حساسية الموقف الدبلوماسي” الذي تتبناه القاهرة حيال القضية الفلسطينية، خشية أن يؤثر البيان على المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار في غزة.
من جانبها، علقت صحيفة “يسرائيل هايوم” على الحدث بالقول إن البيان “أثار عاصفة” داخل الأوساط المصرية بسبب صياغته القوية ضد إسرائيل، ما أدى إلى سحبه “دون إبداء أسباب” في البداية.
وفيما يلي نص البيان قبل حذفه:

“يُطلق الأزهر الشريف صرخته الحزينة ونداءه العالمي المكلوم، الذي يستصرخ به أصحاب الضمائر الحيَّة من أحرارِ العالم وعقلائِه وحكمائِه وشرفائه مِمَّن لا يزالون يتألمون من وَخزِ الضمير، ويؤمنون بحرمة المسؤولية الإنسانية، وبحقوق المستضعفين والمغلوبين على أمورهم وعلى أبسطِ حقوقهم في المساواة بغيرهم من بني الإنسان في حياةٍ آمنة وعيش كريم، من أجلِ تحركٍ عاجلٍ وفوريٍّ لإنقاذِ أهل غزة من هذه المجاعة القاتلة، التي يفرضها الاحتلال في قُوَّةٍ ووحشيةٍ ولا مبالاة لم يعرف التاريخُ لها مثيلًا من قَبل، ونظنه لن يعرف لها شبيهًا في مستقبل الأيام.
ويُعلنُ الأزهر الشريف أنَّ الضمير الإنساني اليوم يقف على المحكِّ وهو يرى آلاف الأطفال والأبرياء يُقتَلون بدمٍ باردٍ، وأنَّ مَن ينجو منهم من القتلِ يَلْقَى حتفه بسببِ الجوع والعطش والجفاف، ونفاد الدواء، وتوقف المراكز الطبية عن إنقاذهم من موتٍ مُحقَّقٍ.
ويشدد الأزهر على أن ما يُمارسه هذا الاحتلال البغيض من تجويعٍ قاتلٍ ومُتعمَّد لأهل غزَّة المُسالمين، وهم يبحثون عن كسرة من الخُبز الفُتات، أو كوب من الماء، ويستهدف بالرصاص الحي مواقع إيواء النازحين، ومراكز توزيع المساعدات الإنسانيَّة والإغاثيَّة لهو جريمةُ إبادةٍ جماعيةٍ مُكتملة الأركان، وأنَّ مَن يمد هذا الكيان بالسلاحِ، أو يُشجِّعه بالقرارات أو الكلمات المنافقة، فهو شريكٌ له في هذه الإبادة، وسوف يحاسبهم الحَكَم العدل، والمنتقم الجبَّار، يومَ لا ينفعُ مال ولا بنون، وعلى هؤلاء الذين يساندونهم أن يتذكَّروا جيدًا الحكمة الخالدة التي تقول: “أُكلنا يوم أُكِل الثور الأبيض”.
إنَّ الأزهر الشريف وهو يغالب أحزانه وآلامه، ليستصرخ القوى الفاعلة والمؤثرة أن تبذل أقصى ما تستطيع لصدِّ هذا الكيان الوحشي، وإرغامه على وقف عمليات القتل الممنهجة، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكلٍ فوريٍّ، وفتح كل الطرق لعلاج المرضى والمصابين الذين تفاقمت حالتهم الصحية؛ نتيجة استهداف الاحتلال للمستشفيات والمرافق الطبية، في انتهاك صارخ لكل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
هذا؛ وإنَّ الأزهر الشَّريف ليبرأ أمام الله من هذا الصَّمت العالمي المُريب، ومِن تقاعسٍ دوليٍّ مخزٍ لنُصرةِ هذا الشَّعب الأعزل، ومن أي دعوة لتهجير أهل غزة من أرضهم، ومن كل مَن يقبل بهذه الدعوات أو يتجاوب معها، ويحمِّل كل داعم لهذا العدوان مسؤولية الدماء التي تُسفك، والأرواح التي تُزهق، والبطون التي تتضوَّر جوعًا في غزة الجريحة، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.
هذا؛ وإنَّ الأزهر الشريف ليدعو كل مسلم أن يواظب على الدعاء لنصرة المظلوم بدعاء نبينا الذي تحصَّن به: “اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَاب، ومُجْرِيَ السَّحَاب، وهَازِمَ الأحْزَاب، اهْزِمْهُمْ وانْصُرنا عليهم””.
اقرأ أيضا…