
فينيسيا 82.. ليلة افتتاح تتألق بين بريق النجوم ووهج السينما وحضور فلسطين
انطلقت فعاليات الدورة الثانية والثمانين من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي يوم امس 27 غشت وتستمر حتى 6 سبتمبر، وسط أجواء من الأناقة والبذخ الفني، حيث تحوّلت جزيرة ليدو إلى مسرح عالمي يلتقي فيه المخرجون والنجوم والنقاد وعشّاق السينما..
و افتُتح المهرجان بعرض الفيلم الإيطالي الجديد La Grazia للمخرج باولو سورينتينو، الذي حمل إلى شاشة الافتتاح جرعة مكثفة من الدراما والفكاهة والأسئلة الأخلاقية المعقدة، في مزيج يعكس قدرة السينما على ملامسة الوجدان وإثارة الجدل في آن واحد.
تكريم فيرنر هيرتزوغ.. أسد ذهبي لمسيرة استثنائية
شكلت لحظة صعود المخرج الألماني الكبير فيرنر هيرتزوغ إلى المنصة لتسلّم جائزة الأسد الذهبي التقديرية عن مجمل مسيرته، أبرز لحظات حفل الافتتاح فهذا التكريم لم يكن مجرد اعتراف بإنجازات مخرج أسطوري قدّم للعالم تحفاً خالدة مثل “Fitzcarraldo” ، بل كان أيضاً احتفاءً بروح سينمائية لا تنطفئ.. حيث كان تصفيق الحضور صاخباً ومؤثراً، فيما بدا هيرتزوغ في كامل تألقه رغم بلوغه الثانية والثمانين من العمر، وكأن المهرجان يردّ له جزءاً من الجميل الذي قدمه لعالم الفن السابع.
عودة كوبولا.. حضور إنساني يسبق الإنجاز الفني
فيما تجسدت اللحظة الأكثر تأثيراً في الأمسية في ظهور المخرج الأمريكي الكبير فرانسيس فورد كوبولا، الذي خرج لأول مرة إلى الأضواء بعد خضوعه لعملية طبية دقيقة في العاصمة الإيطالية روما. إطلالته على السجادة الحمراء ببدلته السوداء الأنيقة لم تكن مجرد حضور بروتوكولي، بل بدت وكأنها إعلان انتصار شخصي على وعكة صحية أرّقت جمهوره وأحبّته، ابتسامته وملامحه الهادئة عكست مزيجاً من الامتنان للحياة والتقدير للسينما،. خصوصاً وهو يقدّم بيديه جائزة الأسد الذهبي لهيرتزوغ، في مشهد حمل الكثير من الرمزية الإنسانية والفنية.
بريق النجوم وأفلام على طريق الأوسكار
إلى جانب الأسماء الكبيرة، شهدت فينيسيا حضوراً لافتاً لنجوم عالميين مثل جورج كلوني، و جوليا روبرتس، و دواين جونسون، و إيما ستون،… في إشارة إلى المكانة الاستثنائية التي يحتفظ بها المهرجان كأحد أهم محطات موسم الجوائز، حيث تحمل الدورة الحالية بين طياتها عروضاً أولى لعدد من الأفلام المنتظرة بشدة، منها “Frankenstein” للمخرج غيليرمو دل تورو، و”After the Hunt” للوكـا غوادانيينو، و “Bugonia” لليورغوس لانثيموس، ما يجعل من فينيسيا نقطة انطلاق رئيسية نحو الأوسكار وغيره من الاستحقاقات السينمائية الكبرى.
ما بين الفن والسياسة.. ملامح مهرجان متجدد
لم يخلُ الافتتاح من لمسات سياسية خفية، إذ حمل فيلم سورينتينو إشارات لواقع اجتماعي وسياسي معاصر، كما رافق الحدث احتجاجات مبكرة في محيط المهرجان بسبب قضايا دولية ساخنة على غرار الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة، ما يعكس أن فينيسيا ليس مجرد منصة لعرض الأفلام، بل فضاء يتقاطع فيه الفن مع هموم العالم وأسئلته.
سينما تحتفي بالحياة
لم يكن افتتاح مهرجان فينيسيا في نسخته الثانية والثمانين مجرد بداية لسباق سينمائي، بل كان احتفالاً بالسينما كقوة حياة.
تكريم هيرتزوغ وعودة كوبولا شكّلا لحظتين مؤثرتين أعادتا التذكير بأن السينما ليست مجرد صناعة أو ترفيه، بل ذاكرة إنسانية حيّة تختزن الانتصارات والهزائم، الأحلام والهواجس، وتظل قادرة على إشعال الدهشة في عيون عشّاقها.