الرئسيةثقافة وفنون

عبد العزيز طليح يستعيد صوته الثقافي بعفو ملكي

تحرير: جيهان مشكور

في خطوة إنسانية تمزج بين العدالة والرحمة، استفاد الأديب والباحث المغربي عبد العزيز طليح من عفو ملكي بمناسبة عيد العرش، ليغادر أسوار السجن المحلي بالحسيمة بعد سنوات من الاعتقال.

أعادت هذه الخطوة تسليط الضوء على مسار رجل ارتبط اسمه بالثقافة الريفية، وأثارت نقاشات مجتمعية حول العلاقة بين القانون والرحمة.

حادثة مأساوية تضع الأديب في دائرة الضوء

يعود أصل القصة إلى صيف عام 2019،بعد أن اهتزت مدينة الحسيمة على وقع حادث مأساوي تورط فيه عبد العزيز طليح، الذي كان يشغل منصب أستاذ، حيث أقدم على قتل شاب كان على علاقة بابنته.

أثار الحادث جدلاً واسعاً بين من اعتبره دفاعاً عن الشرف، ومن رأى فيه تجاوزاً للقانون.. و أصدرت المحكمة حكماً بالسجن عشر سنوات بعد الاستئناف، ليقضي جزءاً منها داخل السجن، وقد شكل هذا الحدث منعطفاً حاسماً في حياته الشخصية والمهنية.

إسهامات ثقافية تظل حاضرة رغم الاعتقال

بالرغم من فترة اعتقاله، ظل اسم عبد العزيز طليح حاضراً في النقاشات الأدبية والحقوقية، وذلك بفضل إسهاماته الثقافية المتميزة.. و من أبرز أعماله كتابه المرجعي “إبقوين، نبش في الذاكرة”، الذي يُعد دراسة إثنوغرافية تسلط الضوء على التراث الثقافي لقبيلة إبقوين الأمازيغية في الريف، و يُعتبر الكتاب مرجعاً مهماً في مجال البحث الاجتماعي والثقافي، ويُظهر اهتمامه العميق بالحفاظ على الهوية المحلية.

العفو الملكي: بين العدالة والرحمة

العفو الملكي الذي شمل عبد العزيز طليح أعاد فتح النقاش حول العلاقة بين القانون والرحمة.. فبينما يُعتبر القانون أداة لتحقيق العدالة، فإن العفو الملكي يُظهر جانباً إنسانياً يمنح الفرصة للأفراد لتصحيح مساراتهم ،و تطهر هذه الخطوة، التوازن بين تطبيق القانون وإعطاء الفرصة للتوبة والتغيير، وتفتح المجال للتساؤل حول إمكانية أن يشمل العفو الملكي أيضاً نشطاء الريف، وعلى رأسهم المناظل الزفزافي ورفاقه، الذين احتُجزوا سنوات طويلة دفاعاً عن مطالب اجتماعية مشروعة للمواطنين، مما يعزز شعور المجتمع بالعدالة والمساواة أمام القانون.

أفق ثقافي جديد بعد تجربة قاسية

يُعد خروج عبد العزيز طليح من السجن بداية جديدة لمساره الثقافي.. حيث عبّر الوسط الثقافي المحلي عن ارتياحه لهذه العودة، و يُتوقع أن يُواصل إسهاماته في مجال البحث الثقافي والأدبي.. فيما يمكن لتجربته القاسية ان تكون دافعاً له لإعادة تقييم مساره الشخصي والمهني، وتقديم أعمال تُعزز من الهوية الثقافية المغربية، كما يمكن أن تشكل مثالاً على أهمية منح فرصة ثانية لمن قضوا فترات طويلة في السجون نتيجة قضايا اجتماعية وسياسية، بما يضمن حقوق المواطنين ويعزز الثقة في النظام القضائي.

إن عودة عبد العزيز طليح إلى الحرية ليست مجرد حدث فردي، بل هي رسالة تُظهر قدرة المجتمع على التوازن بين العدالة والرحمة، و تبرز هذه القصة أهمية إعادة تأهيل الأفراد بعد ارتكابهم للأخطاء، وتُسلط الضوء على دور الثقافة في بناء هوية مجتمعية قوية.. كما تُفتح هذه المناسبة المجال لمطالبة السلطات بإعادة النظر في ملفات نشطاء الريف، بما يضمن تطبيق العدالة بشكل متوازن ويعيد للمجتمع ثقته في القانون، ويحول التجارب القاسية إلى فرص للنمو والتغيير الإيجابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى