الاخ ناصر،
أكتب إليك وإلى والدتك و أشقائك وأسرتك…، كتابا مفتوحا ارجو ان تبلغه لوالدك وانت على قبره تترحم عليه، وأن تحمل إليه صلواتي ودعائي له بالطمأنينة الدائمة وهو بجانب كل من أسدى الخير لهذا الوطن، و للإنسانية…
لقد نزلتِ الموتُ من برجها لتنقل والدك لعالم الراحة و الخلود، بعد أن تحمل ضغط ظلمُِ قرارات قضائية غير عادلة بصبر و بأمل، وهي التي أرخت بثقِلها على عمره لسنوات و فرقت بينه وبينك بمسافات…
و انتزُعِتَ منكِ حريتك قهرا بحكُم بشرَي سيئ…فرفع الرأس ، وجال طول البلد وعرضه داعيا لحريتك ومناصرا لقضيتك…
رفضت بوضوح وبصوت مرتفع أكذوبة الانفصال
و بفس الحكمِ انتزُعتَ من والدِيكْ الثقة في العدالة التي تجرعتها والتي طُبخت بمواد فاسدة و منقضية الصلاحية، رغم أنك حطمت رواية سلطة عمياء و رفضت بصوت مرتفع أكذوبة الانفصال والتقسيم و التآمر و معاداة النظام…
أنت تعرف يا ناصر، بأن العدالة المسُتعَملَة من أجل الإنتقام أو الثأر أو لتصفية الحسابات أو المدُبرِة بالضربات المؤلمة الموصى بها…، هي عدالة مريضة و فاشلة، و مغربنا عرف مثلها في سنوات الرصاص، وظن الجميع وبنية الصفح، أن التجارب العجاف ولَت دون رجعة، لكنها طلت معنا وعادت بسرعة، حية في ضمائر وممارسات المضطربين عقليا وسلوكيا ولدى من يحب أكل اللحوم حية، تترك وراء قراراتها و أحكامها وبدون شك، ضحايا حقيقيين مرئيين وغير مرئيين.
أنت الضحية المرئي المباشر المعني بعقوبة العشرين عاما من عمرك
و إن كنت الضحية المرئي المباشر المعني بعقوبة العشرين عاما من عمرك، فأبواك ضحايا غير مرئيين لقرارات قضاء محكمة الإستيناف بالدار البيضاء ابتدائيا واستينافيا تحت رئاسة الرئيسين الطرشي و الطلفي كما يعلم الجميع، وكما سيحفظه لهما تاريخ المحاكمات السياسية الى الابد بمداد من …
أنت تعرف يا ناصر، أن اللاعدل بكل صوره يقتل L’injustice tue، و منه اللاعدل في الثروة، وفي المجال الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي، والبيئي، والجهوي، و الثقافي، و المجالي…، كما أن هناك من العدالة ما يقتل La justice tue، كما هو الشأن في أحكام الإعدام، وتعرف بالطبع أنه إن كان هناك إجماع للرأي حول محاكمة الحراك فإنه إجماع على أن المحاكمة كانت غير عادلة، وهو رأي اكدته اللجنة الأممية الثالثة في رأيها المعروف…
يا ناصر، تحملت من أجل كرامتك ما لا يقدر عليه العديدون، و لابد أن تتحمل فراق الوالد بجلد وايمان وبالقدر الذي لن ينافسك فيه العديدون، ولما فقدَتَ الوالد اليوم و أصبحت خزان للصبر، فلا تنس أن كل عائلة فقدت ابنا أو أخا أو وليا منذ الحراك بعد أن اختطفوا منها للسجون…
اتمنى أن تكون الرحلة المقبلة لك قريبة للأهل و للعودة النهائية لأحضان والدتك …
لك كل مني مشاعر الود و التضامن.