لحظة من النوستالجيا السينيفيلية مليئة بالرموز، بالإشارات وغنية بالدلالات. فيلم توفيق صالح، “المخدوعون” (1972). ليس فقط بالنظر للظرفية المباشرة الجارية حاليا والتي تعطيه تجديدا دراميا؛ أي انه ليس فقط “فيلم قضية عادلة” بل أيضا لطبيعته كمقترح سينمائي “ناجح” الذي يسير به في اتجاه تشكيل مكانًا لرؤية منسجمة. الفيلم هو اقتباس لرواية “رجال في الشمس” للكاتب والمثقف الملتزم الفلسطيني غسان كنفاني.
توفيق صلاح أخرج فيلماً شخصياً وليس مجرد تصوير لسردية الروائي.
توفيق صالح مخرج مصري كبير متشبع برؤية سينمائية تسندها ثقافة متينة ووعي سياسي عصري (صديق – رفيق نورالدين الصايل وسامبين عصمان: الجناح اليساري للسينيفيلية الافريقية).
اضطر توفيق صالح اللجوء إلى المنفى في سوريا – في مرحلة أولى – بعد “مشاكل” في بلده مع بيروقراطية النظام الناصري.
في دمشق حصل على دعم متباين من المؤسسة العامة للسينما سمح له بالحد الأدنى للتعبير عن رؤيته للنكبة والمأساة الفلسطينية من خلال قصة ثلاثة فلسطينيين من أجيال مختلفة. كانوا يعيشون في العراق وكانوا يسعون للانتقال إلى الكويت، البلد “إلدورادو” تلك الفترة.
لكن الانتقال من بلد عربي إلى آخر، ليس بالعملية السهلة. في الغالب لا يتم ذلك إلا بشكل غير قانوني – الحريك. وقارب توفيق تلك المفارقة بشكل ذكي تجلى في المشهد النهائي للفيلم، وهو ذروة ذات دلالة مأساوية كبيرة.
ونم اخراج المشهد بشكل مختلف عن النص الأصلي: في الرواية لم يقرعوا جدران الخزان، وفي الفيلم فعلوا ذلك دون صدى. نهاية تتحدث إلينا، تستفزنا اليوم بينما يواصل الفلسطينيون الضرب على جدار لامبالاة عالم به صمم.