الرئسيةسياسة

عجول عالقة بين الميناء والضريبة…واللحم في طريقه ليصبح “ترفاً”

تحرير: جيهان مشكور

يبدو أن المواطن المغربي أصبح محاصراً بين مطرقة الغلاء وسندان القرارات الضريبية المتذبذبة.. تتجسد آخر فصول هذه المأساة في ميناء الدار البيضاء، حيث ترسو ثلاث بواخر محملة بما بين 7000 و8000 رأس من العجول، اثنتان منها قادمتان من البرازيل والثالثة من إسبانيا، لكن بدل أن تجد هذه العجول طريقها إلى المجازر والأسواق، وجدت نفسها رهينة عند بوابة الجمارك بسبب “ضريبة القيمة المضافة”(TVA) ، تلك “العفريتة” التي ظهرت فجأة بعد أن ظن المستوردون أن الحكومة أعفتهم منها.

إعفاء مبتور… ومليار ونصف في الهواء

فالحكومة التي دأبت على الإعلان عن قرارات الإعفاء المزدوج (جمركي وضريبي)، قررت هذه المرة أن تُبقي على شقّ الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 22.5%.. القرار يعني أن المستوردين مطالبون بأداء ما يقارب “مليار ونصف سنتيم” إضافية، وهو ما لم يكن في الحسبان، و النتيجة: لحوم عالقة في الميناء، وأسواق تترقب موجة جديدة من الغلاء.

المواطن آخر من يعلم… وأول من يدفع

إذا تمسكت الحكومة بقرارها، فإن المستوردين يحذرون من أن أسعار الجملة سترتفع بحوالي “10 دراهم للكيلوغرام بالنسبة للعجول البرازيلية” ، وبـ “15 درهماً للعجول الإسبانية”، أما المستهلك، فسيكون كعادته الحلقة الأضعف، إذ لن تصل الزيادة إلى محفظته بالقطارة، بل ستتحول إلى قفزة نوعية في أسعار الكيلوغرام الواحد من اللحوم، قد تجعل “الطاجين باللحم” حلماً مؤجلاً لعائلات بأكملها.

اقتصاد يلتهم القدرة الشرائية

تكشف الأرقام الرسمية أن استهلاك اللحوم الحمراء في المغرب يشهد تراجعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بسبب الغلاء، حيث أشار تقرير للمندوبية السامية للتخطيط أن أكثر من 60% من الأسر قلصت استهلاكها للحوم الحمراء، ومع استمرار الأزمة، يتساءل المغاربة: هل الهدف هو تحويل اللحم إلى سلعة فاخرة لا يقترب منها إلا الميسورون؟

الحكومة صامتة… والشارع يتحدث

يطالب المستوردون الوزير الوصي بخروج إعلامي يوضح حقيقة الموقف: هل الضريبة مؤقتة أم دائمة؟ هل هي خيار استراتيجي لضبط السوق أم مجرد ارتباك في القرار؟ في المقابل، يزداد صمت الحكومة ثِقلاً، ليترك المجال لانتشار الشائعات والمخاوف من موجة غلاء جديدة، خصوصاً مع اقتراب مواسم يزداد فيها الطلب على اللحوم.

ما بين البحر والمائدة… ضريبة تحكم المصير

لم تعد القضية مجرد نزاع تقني حول بند ضريبي، بل أضحت انعكاساً لسياسات اقتصادية مرتبكة، تُفاقم أزمة الثقة بين المواطن والدولة، ففي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن “دعم القدرة الشرائية”، يكتشف المواطن أن فواتير الدعم تُدفع من جيبه مباشرة، عبر تسعيرة اللحم في الأسواق و مواد استهلاكية أساسية أخرى.

إن هذا السيناريو لا يبدو مبالغاً فيه: بين جفاف متفشٍ، وقرار ضريبي غير متسق، واستيراد مجحف، تتراكم مكاسب فئات وطبقات بينما تدفع غالبية الشعب ثمن هذه الأخطاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى