
لم يعد النقاش حول حرية التعبير وضمانات المحاكمة العادلة في المغرب شأناً حقوقياً محضاً، بل تحوّل إلى مرآة تكشف عمق التوتر بين النصوص الدستورية والواقع القضائي. ندوة نظمتها مجموعة “نساء شابات من أجل الديمقراطية” صباح الاثنين 22 شتنبر الجاري، حول قضيتي سعيدة العلمي وابتسام لشكر، جاءت لتؤكد أن الأمر لا يتعلق بحالتين معزولتين، بل بمؤشر مقلق على مسار يهدد جوهر دولة الحق والقانون.
محاكمات موازية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل
هيأة الدفاع، إلى جانب حقوقيين وفاعلين مدنيين، وقفت عند خروقات لا يمكن إنكارها: محاكمات موازية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، تسريب محاضر وصور شخصية في انتهاك سافر لسرية البحث ولقرينة البراءة، ثم التمييز المضاعف الذي تتعرض له النساء الناشطات فقط لأنهن اخترن اقتحام فضاء عام لا يزال يُدار بعقلية ذكورية، أضف إلى ذلك توظيف نصوص قانونية صيغت لحماية الحقوق، فإذا بها تتحول إلى أداة لإسكات المعارضين.
ما كشفته الندوة هو أن المحاكمة العادلة في قضايا حرية التعبير لم تعد مهددة فقط داخل قاعات المحاكم، بل حتى خارجها، حيث تصدر الأحكام في الفضاء الرقمي قبل أن ينطق بها القاضي. وهنا يكمن الخطر الأكبر: حين تُفرغ العدالة من مضمونها، ويتحول القانون من ضمانة إلى أداة قمع.
وقف الملاحقات المبنية على التعبير عن الرأي
المجموعة الحقوقية خلصت إلى مطالب واضحة: وقف الملاحقات المبنية على التعبير عن الرأي، ملاءمة التشريعات مع المعايير الدولية، وتوفير حماية خاصة للنساء الناشطات. لكن الرسالة الأعمق تتجاوز هذه التوصيات، لتضع الدولة أمام سؤال جوهري: هل احترام ضمانات المحاكمة العادلة خيار سياسي يمكن التراجع عنه، أم هو شرط وجود لأي نظام يسعى إلى الشرعية؟
إن استمرار هذه الانتهاكات لا يهدد حرية التعبير وحدها، بل يضرب مبدأ المساواة أمام العدالة في الصميم، ويُفرغ الالتزامات الدستورية والدولية للمغرب من محتواها. وعندها، تصبح الثقة في المؤسسات هي الضحية الأولى.
اقرأ أيضا…
شابات من أجل الديمقراطية و ندوة صحفية تهم ملفي ابتسام لشكر وسعيدة العلمي