
انعقد الجمع العام السنوي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمحمدية يوم الخميس 25 شتنبر 2025، بمقرها الكائن بشارع عبد الكريم الخطابي، في أجواء نقاش ديمقراطي شارك فيه منخرطو ومنخرطات النقابة، و شكل اللقاء مناسبة لتشخيص الوضع التنظيمي للكونفدرالية وتدارس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للطبقة العاملة، في ارتباط بالسياق الدولي والوطني والمحلي.
الوضع الاجتماعي بالمغرب وتنامي الاحتقان
حذرت الكونفدرالية من تنامي القلق والسخط الاجتماعي في المدن والبوادي نتيجة الانهيار المتواصل للخدمات في المرفق العمومي خاصة في قطاعي الصحة والتعليم..
وأشارت في بيان صادر عن جمعها العام، إلى التآكل المقلق للقدرة الشرائية للأسر المغربية في ظل موجات الغلاء، إلى جانب تفاقم أزمة الإجهاد المائي وما تحمله من تهديدات جدية بالعطش في عدد من المناطق، واعتبرت أن الحكومة القائمة أصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في حماية المواطنين، مبرزة انحيازها الواضح لمصالح لوبيات اقتصادية استفادت من تحرير الأسعار على حساب القطاع العمومي.
المحمدية بين الإهمال التنموي وضياع الهوية
وفي معرض حديثها عن أوضاع مدينة المحمدية، اعتبرت أن ما تحقق لا يتعدى بعض الأشغال المرتبطة بالتحضيرات الكروية، في مقابل غياب مشاريع حقيقية للنهوض بالمدينة، وسجلت إخفاق مجلس الجماعة في توفير الخدمات الأساسية وتنشيط الحياة الاقتصادية والتجارية، محذرة من استمرار التوسع الإسمنتي على حساب المساحات الخضراء المتبقية.
تراجع النشاط الصناعي وتشريد العمال
كما عبرت الكونفدرالية، في اليان ذاته، عن أسفها العميق لاستمرار إغلاق المقاولات الكبرى بالمحمدية، وما نتج عنه من تشريد آلاف العمال وطمس الهوية الصناعية والطاقية للمدينة، وذكرت من بين المؤسسات المتوقفة شركة “سامير” و”الكتبية” و”إيكوما” و”كوماموسي” و”سطرافور”، كما دعت إلى مأسسة الحوار الاجتماعي على المستوى الإقليمي لمعالجة النزاعات العمالية المطروحة والتصدي لظاهرة الشغل خارج القانون، مع ضمان الحقوق الأساسية للعمال.
الصحة والتعليم بين هجوم القطاع الخاص وتراجع الخدمات
رفضت الكونفدرالية ما وصفته بالهجوم المستمر للقطاع الخاص على الصحة والتعليم، وأكدت على ضرورة تحسين جودة الخدمات العمومية وتوفير الموارد البشرية والمعدات اللازمة، كما طالبت بضمان أمن وسلامة الموظفين في أداء مهامهم، داعية في الآن نفسه إلى مواجهة الظواهر التي تؤثر على النظام العام، من بينها انتشار الكلاب والقطط الضالة، وتزايد عدد المختلين عقليا والمتخلى عنهم، وانتشار المخدرات والمهلوسات في صفوف الشباب.
تثمين للجهود الداخلية واستعداد للمؤتمر الوطني
ثمنت الكونفدرالية الجهود التي يبذلها المكتب الإقليمي في التأطير والتكوين ومتابعة النزاعات والمفاوضات، مشيرة إلى ارتفاع عدد المنخرطين رغم ما تواجهه من مضايقات، وصادق الجمع العام على برنامج العمل السنوي الذي يشمل الجوانب التنظيمية والإعلامية والمطلبية والتكوينية، كما أكد جاهزية مناضلي المحمدية للمساهمة الفعالة في إنجاح المؤتمر الوطني السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، المزمع تنظيمه ببوزنيقة أواخر نونبر 2025 تحت شعار “الوفاء لمبادئ التأسيس ومواصلة النضال الاجتماعي والديمقراطي”.
الموقف من الأوضاع الدولية ودعوة إلى وقف الحروب
أكدت الكونفدرالية موقفها الرافض لانزلاق العالم نحو مزيد من العنف والإبادة الجماعية، معتبرة أن استمرار الحروب يقوض أسس السلم العالمي ويهدد شروط استمرار الحياة فوق الأرض، ودعت جميع القوى المؤمنة بالتعايش إلى التعاون والحوار، كما شددت على ضرورة الوقف الفوري للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة، التي اعتبرتها عنوانا صارخا للظلم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.
قراءة في السياق العام
تنسجم مواقف الكونفدرالية كما وردت في بيان الجمع العام مع واقع اجتماعي واقتصادي يعيشه المغرب اليوم، حيث يزداد الضغط على القدرة الشرائية وتتراجع الخدمات العمومية في ظل تحديات مرتبطة بالأزمات العالمية والتحولات المناخية، إلى جانب التوترات الإقليمية..
ويكشف المصدر ذاته، عن محاولة النقابة ربط القضايا المحلية، مثل أوضاع مدينة المحمدية وتراجع دورها الصناعي، بالسياق الوطني والدولي الأوسع، في مقاربة تضع العمل النقابي في قلب النقاش العمومي حول العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.