
واجه منصف طوب، عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، خلال اجتماع لجنة التعليم بمجلس النواب المنعقد يوم 14اكتوبر الجاري، قائلا: “لا يمكن إصلاح التعليم بأسماء فاسدة، ولو خُصِّص له مال قارون”.. مؤكداً أن أي إصلاح للتعليم في المغرب يظل مجرد حلم مستحيل ما لم يتم تطهير الوزارة من المسؤولين الفاسدين والمتجذرين في مواقعهم منذ عقود.
لا إصلاح مع وجود الفساد
أوضح طوب أن المشكلة داخل الوزارة ليست نقص الموارد المالية أو شعارات الشباب الغاضب، بل في منظومة فاسدة تتغذى من الريع الإداري، ومن مسؤولين يملكون مناعة سياسية تجعلهم باقين في مواقعهم رغم تعاقب الوزراء وتبدّل الحكومات.
وأضاف أن المسؤول الفاسد لا يؤمن بالإصلاح، بل بمراكمة المال والسلطة، مضيفًا أن استمرار هؤلاء في مواقعهم يجعل أي خطة تعليمية مجرد شعار فارغ لا يلامس الواقع.
ميزانيات ضخمة.. ونتائج هزيلة
حسب أرقام قانون المالية لسنة 2025، تتجاوز ميزانية قطاع التربية الوطنية 82 مليار درهم، أي ما يعادل ربع ميزانية الدولة تقريبا، ورغم هذا الاستثمار المالي الضخم، ما تزال التقارير الدولية تصنف المنظومة التعليمية المغربية ضمن المراتب المتأخرة..
فتقرير البنك الدولي لسنة 2023، على سبيل المثال، أشار إلى أن أكثر من 70% من تلاميذ المستوى الرابع الابتدائي لا يستطيعون فهم نص بسيط باللغة العربية.. فهل المشكلة في المال؟ أم في من يقرر كيف يُصرف هذا المال؟
هؤلاء المسؤولون، حسب النائب البرلماني الاستقلالي، يتحولون إلى مراكز نفوذ مستقلة داخل الوزارة، يحددون الصفقات، الانتقالات، التعيينات، ويوجهون القرارات التي يفترض أن تكون إصلاحية، لتخدم مصالح ضيقة..
هذه الأزمة تتجاوز مجرد التعليم، لتصبح قضية اجتماعية واقتصادية وسياسية ترتبط بمستقبل أجيال كاملة، وتطرح تساؤلات حول جدوى الاستثمارات الضخمة في منظومة لا تعرف المساءلة أو الإصلاح.
مطالب بتطهير الوزارة ومحاسبة الناهبين
وفي ذات السياق ، طالب طوب الوزير بقطع الصلة مع هذا الإرث الإداري المسموم، و فتح ملفات كل من نهب وسرق، سواء ممن ما زال يمارس، أو ممن غادر الوزارة إلى فيلته الجديدة أو إلى منصب آخر بامتيازات أعلى..وتحويلهم مباشرة إلى القضاء، في رسالة واضحة بأن المسؤولية لا تنتهي بمجرد ترك المنصب.
وأشار في معرض كلامه أن المفارقة المؤلمة تتجلى في كون من يغادر لا يحمل معه أثر فشله، بل يحمل منحًا وتعويضات وترقيات، بينما تحمل المنظومة آثار فساده وفشله لسنوات لاحقة.
كما طالب الوزير بإنهاء عهد بعض المسؤولين المركزيين الذين أصبح وجودهم عقبة أمام أي إصلاح، وتعيين وجوه جديدة قادرة على مواجهة التحديات وإعادة الثقة للمواطنين،
بين الخطاب السياسي والواقع المرير
إن دعوة النائب طوب بمثابة مواجهة بين منطق الإصلاح الحقيقي ومنطق تدوير النخب الفاسدة، وهي مواجهة تعكس عمق الأزمة البنيوية التي يعيشها التعليم المغربي، فالإصلاح لا يمكن أن يتحقق بشعارات براقة ولا بخطط فوقية، بل بإرادة سياسية تضع مصلحة التلميذ قبل مصلحة المسؤول، وتجعل من المدرسة المغربية فضاءً للمعرفة لا مزرعة للريع.




