
يشهد قطاع الكراء السياحي اليومي تحديات قانونية وضريبية متزايدة، حيث يواجه المستثمرون خطر العقوبات نتيجة عدم التصريح بالمداخيل العقارية وعدم أداء المستحقات الضريبية في الآجال القانونية. ومع اقتراب الموعد النهائي المحدد لنهاية فبراير، تزداد الضغوط على أصحاب العقارات لتسوية أوضاعهم المالية والإدارية تفادياً للمراجعات الضريبية التي قد تؤدي إلى فرض غرامات كبيرة.
في هذا الإطار، تفرض المادة 154 مكرر من المدونة العامة للضرائب التزاماً قانونياً على مالكي العقارات والمستثمرين في هذا القطاع بتقديم تصريح سنوي يتضمن تفاصيل الممتلكات المؤجرة وقيمتها الإيجارية، وذلك قبل فاتح مارس من كل سنة.
يهدف هذا الإجراء إلى تحقيق شفافية أكبر في المعاملات العقارية وضمان الامتثال للأنظمة الضريبية، وتشمل هذه الالتزامات أيضاً مضيفي منصات الحجز الإلكتروني مثل “بوكينغ” و”إر بي إن بي”، الذين أصبحوا ملزمين بتقديم إقرار ضريبي دقيق يوضح حجم المداخيل المتحصلة من الإيجارات قصيرة الأجل.
و يتطلب الامتثال لهذا القانون تقديم بيانات تفصيلية تشمل موقع العقار، محتوياته، رقمه في السجلات الجماعية، بالإضافة إلى إجمالي مبالغ الإيجار السنوية والمستحقات الضريبية المقابلة، وفي حال عدم الامتثال، فإن الجهات الضريبية تملك الحق في إجراء مراجعات صارمة قد تؤدي إلى فرض غرامات ومتابعات مالية، خاصة مع تزايد الأرباح المحققة في سوق الإيجارات السياحية.
و إلى جانب الالتزامات الضريبية، يخضع نشاط الكراء عبر المنصات الرقمية لمقتضيات القانون 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء البديلة، والذي ينص على ضرورة حصول المستثمرين على تراخيص تشغيل صالحة لمدة خمس سنوات.
كما يتوجب عليهم الالتزام بأداء الضرائب على الدخل والقيمة المضافة، التي تبلغ 10%، إضافة إلى ضريبة الإقامة والترويج السياحي.
ساهم انتشار أنظمة التأجير الإلكتروني في تحفيز المستثمرين على شراء عقارات جديدة بهدف استغلالها في الإيجار السياحي، ما أدى إلى طفرة ملحوظة في سوق العقارات، وبفضل مفهوم “اقتصاد المشاركة”، الذي روجت له منصات مثل “إر بي إن بي”، توسعت دائرة العرض العقاري، ما وفر فرصاً جديدة للملاك لزيادة مداخيلهم من خلال استثمار ممتلكاتهم في الإيجارات قصيرة الأجل، لكن هذه الطفرة لم تمر دون تداعيات، حيث أثرت بشكل واضح على سوق الإسكان، إذ أدت إلى تقليل المعروض من الشقق المعدة للسكن العادي ورفع أسعار الإيجارات في بعض المناطق السياحية.
أمام هذه التحديات، أصبح من الضروري للمستثمرين في قطاع الكراء السياحي الامتثال للضوابط القانونية وتقديم التصريحات الضريبية المطلوبة في الوقت المحدد لتجنب أي تبعات مالية أو قانونية.
و في هذا السياق، يوصى بالاستعانة بخبراء محاسبة لضمان تطبيق الإجراءات الصحيحة والالتزام بالمتطلبات التنظيمية، مما يسهم في استدامة استثماراتهم في هذا القطاع الذي يشهد نمواً متسارعاً، ولكن في بيئة تشريعية صارمة تسعى إلى تحقيق توازن بين تحفيز الاستثمار وضمان العدل الضريبي..