
تشهد شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب موجة متصاعدة من العنف الرقمي الموجه ضد النساء، حيث تحوّلت منصات يفترض أن تكون فضاءً للتعبير والتواصل إلى ساحة مفتوحة للتشهير والإهانة، خصوصاً في حق المطلقات اللواتي يجدن أنفسهن أولى ضحايا هذا العنف البنيوي المتخفي خلف الشاشات.
ما زالت كثير من النساء يتعرّضن لحملات منظمة من التنمر
ورغم المكاسب القانونية التي حققتها المرأة المغربية خلال العقدين الأخيرين، ما زالت كثير من النساء يتعرّضن لحملات منظمة من التنمر والوصم بسبب أوضاعهن الاجتماعية. فمجرد نشر صورة، رأي، أو تعليق عادي، يُعرّض العديد منهن لسيول من الإهانات التي تستبطن أحكاماً أخلاقية جاهزة وتمييزاً قائماً على النوع.
ولا تتوقف هذه التعاليق المسيئة عند حدود التجريح الظاهر، بل تتجاوز ذلك نحو التشكيك في النيات والسلوك وترويج صور نمطية قديمة تُحمّل المرأة مسؤولية كل المتغيرات الاجتماعية، وفي مقدمتها الطلاق الذي يتحوّل داخل الفضاء الرقمي إلى وصمة جاهزة تُفتح بها أبواب الشتم والتهديد.
العنف الرقمي يشكّل امتدادا مباشر للعنف المادي والرمزي
وتؤكد فاعلات حقوقيات أن العنف الرقمي يشكّل امتدادا مباشر للعنف المادي والرمزي الذي تعيشه النساء في الواقع، معتبرات أن عدم تجاوب منصات التواصل مع شكايات النساء، وتردد بعضهن في اللجوء إلى القضاء بسبب التخوف من الفضح، يجعل دائرة العنف تتسع وتترسخ.
وفي الوقت الذي ينص فيه القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء على تجريم التشهير والإهانة والمساس بالحياة الخاصة عبر الوسائط الإلكترونية، ما يزال تفعيل هذه المقتضيات محدوداً، سواء بسبب ضعف التبليغ أو بطء المساطر أو غياب الوعي القانوني لدى الضحايا.
معالجة الظاهرة تستوجب مقاربة متعددة الأبعاد
ويجمع متتبعون على أن معالجة الظاهرة تستوجب مقاربة متعددة الأبعاد، تبدأ بالتربية الرقمية واحترام الخصوصية، مروراً بإصلاح الخوارزميات التي تسمح بانتشار خطاب الكراهية، وصولاً إلى سياسات عمومية تُحصّن النساء داخل الفضاء الرقمي، خصوصاً الفئات الأكثر هشاشة مثل المطلقات اللواتي يحملن أحياناً عبء التمثلات الاجتماعية وحدهن.
وبين واقع يزداد قسوة، وفضاء رقمي يفترض أنه مفتوح للجميع، تظل النساء وخاصة المطلقات هدفا سهلا لوابل من العنف غير المرئي الذي يخلف جروحا لا تقل عمقا عن العنف المادي ومع استمرار الصمت، يستمر الجناة في الإفلات، بينما تستمر الضحايا في دفع الثمن.





