أخنوش الوزير.. الفشل والدلل وما بينهما…
كشفت الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مندوبية التخطيط فقدان المغرب 152 ألف منصب شغل في 3 أشهر من السنة الجارية، والرقم مقلق لأن الأمر يتعلق بالعالم القروي في المغرب، والذي يعاني الهشاشة والتمييز السلبي منذ الاستقلال، وبشكل ممنهج، مما ترك، على مدى فترات طويلة، الحبل على الغارب، وعرض البلاد لهزات عنيفة ومدمرة نتيجة لهذه السياسة، إلى أن أتت حكومة التناوب التي بذلت جهودا جبارة من حيث إنجاز البنية التحتية وتعميم الكهرباء والماء وتوفير المدارس ومحاربة الأمية ورفع الحصار عبر إنشاء مسالك وطرق ساهمت قليلا في ردم الهوة بين العالمين القروي والحضري، وإن مازالت هناك مناطق معزولة ومناطق خارج الخدمات وخارج نطاق أي تدخل حكومي، وهي تستحق كل الاحتضان والرعاية، مناطق بعثت رسائل من أجل الإنقاذ، مثل جرادة والريف وخنيفرة وقلعة السراغنة وكرسيف ووجدة وغيرها، وهي صيحات لا يدركها من سمح بتراجع مناصب الشغل بقرانا وإن كان المغرب يعود للترييف حتى في عاصمته الاقتصادية.
تراجع مناصب الشغل بهذا الشكل المثير للقلق والذي يضرب الاستقرار في العالم القروي ويؤزم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالمدن المتأزمة أصلا عبر انتشار الباعة المتجولين والبناء العشوائي والسكن غير اللائق وغيرها من الوقائع الصادمة، هو دفع للناس إلى غياهب تذوق “الحكرة” والمرارة وتركها تواجه المجهول بالمجهول .
والأنكى أن الرجل الذي يبسط سيطرة مطلقة على مصير ملايين المغاربة من العالم القروي ليس سوى عزيز أخنوش المستقدم للسياسة من عالم المحروقات والفلاحة والمصالح، وهو الرجل الذي تنجح مشاريعه واستثماراته مما جعله من كبار مالكي الثروات في المغرب، لكن، وهنا المفارقة، يفشل الرجل في تدبير المصلحة العامة، فلماذا لم تتأثر مشاريعه سلبا إذا كانت هناك فعلا أزمة ضربت العالم القروي، وعن أي مشروع مجتمعي يتحدث؟ هل هي مشاريع شعارات “أغراس أغراس “ومكاتب الدراسات المكيفة والتجمعات الاصطناعية والتي سبقه إليها آخرون من زمن الرصاص؟.
ثم، أين هي ملايير المخطط الأخضر التي تبخرت في الهواء وغيرها، فمتى يقدم الحساب للرأي العام والشعب المغربي، فالرجل الذي يقدم نفسه بديلا لكي يسيّر الحكومة القادمة، ويريد تقديم نفسه ومن معه بديلا لرئيس الحكومة الليبرالية الحالية بقيادة ” البيجيدي” ليس سوى شريك في إنتاج نفس السياسة التي أوصلت المغرب للسكتة القلبية، وهو نفس الحزب الذي قاد جميع السياسات التي أفقرت المغاربة، فما الذي استجد حتى أضحى “حزب الحمامة” يتطاوس بأنه بديل ومنقذ للمغرب وحتى أنه حزب الدولة أو أداة وبديل للجرار الذي غرق في أول محطة للحصاد حيث نجده في سابقة ستسير بذكرها الركبان، حزب لا هو معارض ولا هو في الحكومة ولا خارجها ويسير أهم الجهات التي عول عليها دستور 2011 لحلحلة الوضع والاستجابة لحراك 20 فبراير الذي تم التآمر عليه رغم الاستجابة الملكية لأهم المطالب وإن ظلت الملكية البرلمانية مجرد أفق، حيث أجهز بنكيران وصحبه على كل قشة منها عقب تخليه عن صلاحياته بشكل بهلواني، عقب ما سمي ما للملك وما لرئيس الحكومة من صلاحيات تدبير عدد من المرافق، فحتى مشروع نهر أبي رقراق تخلى عنه …
لا يكفي أن تكون قريبا من مصدر القرار حتى تكون ناجحا وجديا ومؤهلا للعب دور في الشأن العام ، هنا والآن لا يمكن استبلاد الشعوب للأبد وخارطة الكون تتحرك بشكل أو بآخر…
فشل أخنوش فشلا مريعا في تدبير قطاع الفلاحة، فليس المهم هو التصدير وترك ما تبقى من نوعية أقل جودة، وخضرنا وفواكهنا تباع في الخارج بأقل من ثمن الداخل، فإلى متى سنبقى ضيعة تغذي الأجنبي أولا؟ أليس من حقنا الاستفادة أولا من خيراتنا؟ أما الصيد البحري فقد تخلينا عنه بدوره للأجانب، بسعر أقل من لاعب كرة قدم من المستوى العادي، مثل زياش 45 مليون أورو، في حين أن 3500 كلم من البحرين المتوسط والأطلسي لم تتعد 40 مليونا من الأوروات…وهو وحده كفيل بخلق آلاف مناصب الشغل التي تخوض إسبانيا حربا ضروسا ضدنا بداعي الحفاظ على مناصب الشغل للإسبان .
المشكل في بؤس السياسة وغياب لسان حال الشعب المغربي عبر أحزاب حقيقية وليس واجهات مرتبطة بمصالح لا علاقة لها بتعبيرات حرة عن مصير الشعب المغربي، فإذا كان المحافظون وأصحاب المصالح وحتى الانتهازيون لهم تعبيرات وآليات للدفاع عن أنفسهم فالشعب المغربي لن ولم يعدم الوسيلة لأن النضال الديمقراطي الذي اختاره المغاربة مازال وسيلة وأفقا للإصلاح، ومن يحب وطنه وشعبه ينحاز إليه سرا وعلانية وليس عبر تحويل السياسة لخدمة المافيا الاقتصادية المحلية والدولية .