القطبية المصطنعة أم نهاية السياسة
بعد الإعلان الرسمي عن إعدام ما سمي بالأصالة والمعاصرة بطريقة فيها الكثير من التمثيل بالجثث والتشفي، نشر عزيز أخنوش شباكه برا وبحرا وجوا، من أجل اصطياد بقايا حرب كسر العظام بين طبقة ريعية أنتجتها آليات الحزب السري، والتي كانت تشتغل بنفس الآليات التي أنتجت “فديك رضا كديرة”، مع فارق بين الأشخاص والمرحلة، من كل أطراف اللعبة السياسية، ويستعد أخنوش، أحد مؤسسي البام الحقيقيين منذ البداية “للورثة السياسية” (ألم يكن واحدا من مؤسسي الجناح الدعوي للأصالة والمعاصرة ؟) حركة لكل الديموقراطيين – ولو أن هذا الوصف قد لا يعجب صديقي صلاح الوديع – وطلب منه أن يبقى لاعبا احتياطيا من أجل تمطيط اللعبة المغشوشة ولعب دور المنقذ عبر ادعاء أن في المغرب قطبين يميني ليبرالي بلبوس اقتصادي “تحالف المستحوذين على الثروة” وقطب الإسلاميين “مستفيدين من فتات الموائد ومبيضي الفساد” على جميع المستويات.
ويتحرك أخنو، بما يتطابق ووضعه في الحكومة، مسنودا بمحمد ساجد، الذي أغرق الدار البيضاء بعد إنزاله عمدة عليها قسريا، وضد إرادة الساكنة، التي اختارت حينها الاتحاد الاشتراكي، في الصف الأول سنة 2003 متبوعا بحزب الاستقلال، كما كان للتقدم والاشتراكية مكانة جيدة، ولكن الإسلام السياسي البنكيراني، كان في صلب المؤامرة وكان “البلوكاج” في المدينة حتى تمكين الساجد منها بمعية “المنهشين” العقاريين ونكرات سياسية سيؤسس عبرهم “الفديك في نسخته البامية”.
إن واقع التباكي والعويل السياسي من تحت أنقاض بناية “البام” المنهارة بسبب الغش في البناء من حيث التصميم والمواد المستعملة، لن يفلح في مزيد من تضليل المغاربة-والتضليل هو أخطر أنواع القمع- حيث إن هناك من يتحدث عن الإصلاح والإصلاح المضاد وعن البرامج والمناصب والمكاسب وحتى ذرف دموع التماسيح عن الوطن والشعب، وكأن المغرب بلا ذاكرة حيث بالأمس نهشوا البلاد وذبحوا الاقتصاد والسياسة من أجل قطبية مزيفة لا تاريخ لها ولا أفق مستقبلي، شوهت السياسة وضربت الأحزاب الوطنية واستهدفت المشروع اليساري عبر استهداف الأحزاب الوطنية وضربها من الداخل والخارج، ومحاولة الالتفاف على البرامج، إذ أن كل حزب يميني ليبرالي يتبنى المقاربة الاجتماعية ولعب ورقة يسار مصطنع وتفتيت حتى لحمة المجتمع بل إن الأمر وصل المس بالخطوط الحمراء، حيث نستحضر “اكديم ايزيك” و”ملف الريف” الذي سبقه تزوير انتخابي غير مسبوق وانتهازية سياسية كادت تعصف بكل ما تحقق من إصلاحات بعد الربيع المغربي .
لاعزاء اليوم لمن ارتموا ( أفرادا وجماعات) في حضن سماسرة العمل السياسي إلا بإخلائهم الساحة والتواري إراديا، لأن استمرارهم في الصورة يعد استفزازا للوطن والمواطنين وتحديا لإرادة الشعب المغربي، ولم يعد مقبولا أن يمارس البعض اليوم إعادة انتشار أشباه السياسيين من حزب لآخر، وعلى الأحزاب الوطنية اليوم أن تبحث عن مناضليها الحقيقيين المرتبطين أولا بالوطن ثم الوطن ثم الوطن وليس المرتبطين بالريع والأجندات المشبوهة في الداخل والخارج، وأن تكف عن مسايرة منطق “مول” الدائرة والمتحكم في الانتخابات، ويجب إبعاد المشتبه بهم اقتصاديا واجتماعيا عن الحقل السياسي، ونحن نرى المآسي والمحاكمات وأساليب المافيات التي أضحت حديث العام والخاص في البلد السعيد…
الإرادة وحدها لا تكفي لاجتثاث فساد عمر طويلا في المؤسسات السياسية واختراق القرار المجتمعي عبر التزييف والإمعان في إذلال الوطن والمواطنين، وأضحى العابثون يتصرفون وكأنهم أمام وطن فقد الإثارة حيث لا يقوم بأي رد فعل رغم الوخز اليومي في الكرامة وضرب الحرية والإجهاز على إمكانيات البلاد، لذلك نكررها، لن تمر القطبية المصطنعة ولن تضمن الاستقرار والتطور للبلاد لأنها عابرة بلغة محمود درويش في كلام عابر، وقتل السياسة يعني ضرب رئة الوطن ومنعه من التنفس الطبيعي…
بكل صراحة السي محمد الطالبي وضعت الاصبع على الجرح وعريت الواقع بكل تجلياته.فتحية لك.