السعودية تسقط الولاية على المرأة في السفر وتعزز مكانتها في العمل والأسرة
في خطوة جديدة لتمكين المرأة في الحياة العامة، أقرت السعودية، أمس الجمعة، حزمة تعديلات قانونية همت وثائق السفر والأحوال المدنية، والعمل، ما يتيح للمرأة، ولأول مرة في تاريخ المملكة، الحق في حصولها على جواز السفر دون الحاجة لموافقة ولي الأمر.
وتأتي هذه التعديلات، بعد عام على سريان قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة في صورة دالة تعكس عمق التغييرات الاجتماعية التي سجلت خلال السنوات الأخيرة في المملكة التي ظلت لعقود، البلد الوحيد في العالم الذي يحظر على النساء قيادة السيارات.
ومثلما منح قرار السماح بقيادة السيارات المرأة السعودية استقلاليتها وأنهى اعتمادها على السائقين أو الأقارب في التنقل، جاءت التعديلات القانونية الجديدة لتنهي سلطة ولي الأمر على المرأة في السفر والطلاق والزواج.
وهكذا، ألغت هذه التعديلات “ولاية الرجل على المرأة في السفر”، وأتاحت لها “استخراج جواز سفر دون اشتراط موافقة ولي أمرها ومنح الحقوق نفسها للأنثى والذكر في ما يتعلق بحرية السفر إذا تجاوز العمر 21 عاما”. كما أقرت التشريعات ذاتها، السماح للمرأة بتسجيل أولادها والطلاق والزواج، والاعتراف بها كوصي على أولادها دون سن الـ18.
ونص عدد من القرارات على “حق الزوجين في الحصول على سجل الأسرة من إدارة الأحوال المدنية”، و”إمكانية تبليغ الوالدين عن مواليدهما الجدد ” و”تبيلغ الزوج أو الزوجة عن حالة الزواج أو الطلاق”.
وخلفت هذه القرارات ارتياحا في أوساط المجتمع السعودي وتردد صداها في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رحبت التغريدات في “تويتر”، بهذه القرارات وتصدر وسم “# لا_ولايه_علي_سفر_المراه” الموقع ذاته وهو الأكثر تداولا في السعودية، وجاء بعده وسم ” #جواز_المراه_دون_موافقه_وليها”.
وتعليقا على صدور هذه التعديلات، رحبت السفیرة السعودية في واشنطن، الأمیرة ریما بنت بندر بن سلطان، في سلسلة تغريدات لها على “تويتر”، بالقرارات الجدیدة، وقالت إنها “صناعة للتاريخ لأنها تدعو إلى المشاركة المتساوية للمرأة والرجل في مجتمعنا”.
وأضافت أن هذه القرارات “نهج شمولي للمساواة بين الجنسين، من شأنه أن يخلق بلا شك تغييرا حقيقيا لوضع المرأة السعودية”.
وتابعت أن “هذه التطورات حان وقتها منذ زمن طويل. فمن تمثيل المرأة في المجلس الاستشاري إلى إصدار رخص القيادة للمرأة، أثبتت قيادتنا التزامها القاطع بالمساواة بين الجنسين”.
واعتبرت الأميرة ريما أن “تعديل قوانين العمل والقوانين المدنية يهدف إلى النهوض بمكانة المرأة السعودية داخل مجتمعنا، بما في ذلك منحها الحق في التقدم بطلب للحصول على جواز سفر والسفر بشكل مستقل”، مؤكدة أن “النساء لعبن دائما دورا أساسيا في تنمية بلدنا، وسوف يواصلن القيام بذلك على قدم المساواة مع نظرائهن الرجال”.
من جهتها، قالت الإعلامية والكاتبة السعودية سمر المقرن “كنت أعلم أن التغيير قادم في السعودية لا محالة، لأن التغيير هو سنة طبيعية للمجتمعات الإنسانية، لكنني لم أكن أتوقع مطلقا أن أرى وأعيش هذا التغيير، بل كنت أتوقع أن ما نعيشه اليوم قد يعيشه أحفادنا القادمون، وأن جيلي ومن بعدي ممن عانينا من تبعات التشدد الديني، سيظل الحلقة الأضعف وسنستمر نحارب بأضعف الإيمان تجاه التشدد وهي حرب الكلمة”.
وأردفت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قائلة “اليوم، لم تعد هناك مساحة للجدل العقيم، فقد انتهى زمن التشدد، وغدا وهج ضياء الحياة ساطعا، بعدما فرضته متغيرات أتت بعزيمة من رجل صادق في تجديده وتغييراته”.
وشددت المقرن على أن “صدور هذه القوانين ليس حربا فيها طرف رابح وطرف خاسر لأن الرابح حتما هو الوطن وإرساء حياة مدنية على قدر كبير من المسؤولية والشراكة بين الجنسين.. اليوم السعودية تحقق معادلة المساواة الكاملة بين الجنسين وإعادة جدولة ترتيب الأدوار وتقاسمها”.
يذكر أن المرأة السعودية، عززت في الفترة الأخيرة حضورها في الحياة العامة من خلال إشراكها في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ضمن مسعى المملكة لتمكين عمل المرأة وفق رؤية 2030، الهادفة إلى رفع نسبة عمل النساء السعوديات من 22 في المائة إلى 30 في المائة.
وخلال العام الماضي، توسع نطاق إشراك المرأة السعودية في العديد من المجالات الاقتصادية الحيوية بشكل لافت، وتجاوز دورها مجرد الانخراط الوظيفي إلى تولي مناصب قيادية في كبريات المؤسسات المالية والصناعية والتجارية وغيرها.
وتراهن خطة الإصلاح السعودية، على دعم دور المرأة في التنمية لاسيما وأن النساء يمثلن 50 في المئة من إجمالي خريجي التعليم الجامعي بالمملكة، ما يعني ضرورة تمكينها من فرص استثمار طاقاتها ومواهبها وتوفير وظائف العمل المناسبة لها.