الوديع يعود لسرفاتي للرد بشكل ضمني عن قرار الزفزافي و5 من رفاقه التخلي عن الجنسية المغربية
دخل صلاح الوديع، الشاعر والفاعل المدني والحقوقي على الخط، واختار أن يرد على قرار ناصر الزفزافي و5 من المعتقلين السياسيين، على خلفية، الحراك الشعبي بالريف، والقاضي بالتخلي عن الجنسية المغربية، حيث كانت أعلنت رسالة موقعة من طرف المعتقلين السياسيين، بسجن رأس الماء، عن عزمهم، و هم في كامل قدراتهم العقلية و الجسدية و الذهنية على التخلي عن جنسية الدولة المغربية و إسقاطها، و إسقاط رابط البيعة بدءا من تاريخ تحرير الرسالة/البلاغ, محملين الدولة المغربية كامل المسؤولية عن أي مساس يمسنا ذهنيا و جسديا بدءا من هذا التاريخ، محملين، استنادا للمصدر نفسه، المجتمع الدولي و هيآته و مؤسساته مسؤولية تتبع مصيرنا منذ تاريخ تحرير هذه الوثيقة .
وفيما يلي نص تدوينة، الشاعر والفاعل الحقوقي صلاح الوديع:
مغربيٌّ حتى النخاع، رغم أنف الجميع: المناضل المغربي أبراهام السرفاتي في ذاكرتي هذا اليوم…
يوم 24 غشت من كل سنة له عندي خصوصية لا شبيه لها.
إنه اليوم الذي غادرتُ فيه السجن المركزي منذ 35 سنة بالتمام والكمال.
لا زلت أذكر وجوه رفاقي ودموع فرحهم وأنا أودعهم واحدا واحدا.
كان وجه رفيقي إدريس بويسف الركاب هو آخر من ودعني وأسلمني لعالم الحرية الجديد بعد كل سنوات السجن.
غير أن الوجه الذي لن أنساه ما حييت هو وجه رفيقي الراحل أبراهام السرفاتي.
أبراهام: المناضل الأممي المغربي اليهودي
لا زالت ضحكته الطفولية المجلجلة ترن في أذني. لا زالت تحيته وهو يشير بيده التي أعطبتها آلة التعذيب الجهنمية عالقة بذهني. ولا أظنه كان فرحا إلى هذه الدرجة إلا لأنه كان يعلم كم وَقَفْنَا في وجه كل محاولات تركيعنا طوال سنوات السجن الطويلة.
بعد الإفراج عنِّي ضمن من أُفرج عنهم صيف 1984، واصل من تبفى من المعتقلين نضالهم من وراء القضبان ومن ضمنهم أبراهام.
غير أن ذكاء الآلة القمعية حينذاك تفتق عن فكرة حسبَتْ نفسها جهنمية، وهي إنكار مغربية أبراهام. وقيل ساعتها أن أبراهام ليس إلا برازيليا متسترا بيننا منذ زمن وأن من باب رد الأمور إلى نصابها أن يعود هو إلى “وطنه” الحقيقي. وهكذا تم نفيه إلى فرنسا. وحين التقيته في فيينا في يونيو من سنة 1993 بمناسبة المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، تحدث لي عنْ مغربيته التي لا مساومة فيها، وعن إصراره الذي لا يحد على أن يكافح إلى آخر رمق في روحه الرائعة ضد القرار الأخرق بإسقاط جنسيته المغربية…
لم يكن أبراهام مناضلا أمميا متشبثا بمغربيته فحسب، بل كان من أبرز المساندين للنضال الفلسطيني في العالم…
حين عاد أبراهام من منفاه سنة 1999 إلى بلاده ووطنه معززا مكرما كنت ضمن أول مستقبليه هو والمناضلة الراحلة كريستين التي وهبت السنين الطوال من حياتها للمغرب بلد زوجها أبراهام، المغرب الذي أصبح وطنها الثاني…
كان أبراهام يومها فرِحا متفائلا كعادته.
فرِحا بعودته إلى وطنه، هو الذي – ومنذ شبابه الأول – وهبه كل شيء ولم يمُنَّ عليه بشيء، مرورا بكهولته وشيخوخته التي عرفت الراحلة كريستين كيف ترعاها إلى آخر رمق من حياة الحب والنضال التي كانت مأواهما الممتع…
كان وهو يضحك ضحكته الرائعة المجلجلة في استقبال رفاقه، وكأني به يردد شعر أحمد شوقي:
وطني لو شُغِلْتُ بالخلد عنهُ….. نازعتني إليه في الخلد نفس