رياضة

مونديال 2026: طموحات ولي العهد السعودي وراء “خيانة” عرب للمغرب

الرياض (أ ف ب) – قد لا تكون السعودية قوة كبيرة في عالم كرة القدم، إلا أن المحللين يقولون إن دعم المملكة لأميركا الشمالية، في مسعاها الناجح لاستضافة مونديال 2026، على حساب المغرب، يؤكد طموحها في أن تكون قوة كبيرة في عالم اللعبة، في مواجهة خصومها في المنطقة، وفي مقدمتهم قطر.
والأربعاء تفوق الملف الثلاثي الأميركي-الكندي-المكسيكي على المغرب، في استضافة مونديال 2026، الذي سيشهد للمرة الأولى مشاركة 48 منتخبا، وذلك بعدما حصل على 134 صوتا مقابل 65 للمغرب، من أصل 203 عضوا، أدلوا بأصواتهم في مؤتمر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي انعقد في موسكو، عشية انطلاق نهائيات كأس العالم 2018.
وبحسب المحللين، تسعى السعودية إلى التحول لاعبا أساسيا في عالم كرة القدم، ومنافسة قطر، المضيفة لمونديال 2022، لاسيما في ظل الأزمة الدبلوماسية المستمرة منذ عام بين الرياض وحلفائها من جهة، والدوحة من جهة أخرى.
إلا أن المملكة الغنية بالنفط تقوم باعتماد خطوات عدة في المجال الرياضي، منها إطلاق اتحاد إقليمي جديد، باسم “اتحاد جنوب غرب آسيا لكرة القدم”، والذي سيضم 13 بلدا تشمل كل الدول الخليجية باستثناء قطر. وبحسب المحللين، تسعى السعودية من خلال هذا التجمع الجديد الى تعزيز نفوذها في عملية اتخاذ القرارات الرئيسية التي تمس كرة القدم في المنطقة، على حساب تكتلات إقليمية أخرى في مقدمها الاتحاد الخليجي لكرة القدم الذي يتخذ من الدوحة مقرا له.
ويقول الباحث في معهد بيكر للسياسات العامة في جامعة رايس الاميركية، كريتسيان اولريخسن لوكالة فرانس برس “زادت السعودية مشاركتها في الهيكلية الحاكمة لكرة القدم العالمية اعترافا منها بشعبية هذه الرياضة بين الشباب السعودي وبوصفها أداة للقوة الناعمة العالمية”.
– معركة كرة القدم –
ومن ضمن الانخراط السعودي المتزايد في كرة القدم العالمية، ما أوردته تقارير صحافية عن مشاركة مستثمرين سعوديين في توفير دعم بـ 25 مليار دولار لاقتراح رئيس الفيفا جاني انفانتينو بتوسيع كأس العالم للأندية وإقامة دوري للأمم.
وأكد رئيس الاتحاد الدولي ان اقتراحه، الذي لقي انتقادات واسعة في عالم اللعبة، لاسيما أوروبيا، سيوفر مداخيل إضافية واسعة للعبة، من دون أن يحدد مصدر ذلك، مكتفيا بالإشارة إلى مجموعة مستثمرين ومبلغ الـ 25 مليارا.
واعتبرت إيلين وولد مؤلفة كتاب “سعودي انك” لفرانس برس ان “كل هذا هو جزء من استراتيجية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الاوسع لمواجهة قطر وايران في كل مناسبة ممكنة”.
وفي يونيو 2017، قطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر بعد اتهامها بدعم “الإرهاب” وتوثيق العلاقات مع ايران، وهو ما تنفيه الدوحة.
ويشكل مونديال 2022 محطة أساسية في نمو قطر على الصعيد الرياضي العالمي، على رغم الاتهامات بالرشى والفساد التي رافقت منح الدوحة استضافة هذه البطولة.
وألمحت السعودية في أعقاب الأزمة الدبلوماسية، إلى ضرورة سحب تنظيم البطولة من الدولة الخليجية، في حال ثبوت هذه “الارتكابات” التي تنفيها الدوحة.
واقترح رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في السعودية تركي آل الشيخ في فبراير، نقل البطولة الى إنكلترا أو الولايات المتحدة في حال ثبوت وجود مخالفات قطرية.
وقال جيمس دورسي، الزميل في كلية الدراسات الدولية في جامعة سانت راجارتنام في سنغافورة إن “رياضة كرة القدم وخاصة كأس العالم في قطر، هي ميدان مهم في معركة العلاقات العامة المتزايدة بين دول الخليج وخصومها”.
– خيانة –
وعلى خلفية الموقف من الأزمة الدبلوماسية الخليجية، ألمح آل الشيخ في الأسابيع الماضية إلى أن السعودية لن تصوت لصالح المغرب في مسعاه لاستضافة مونديال 2026.
وتحول هذا التلميح إلى واقع الأربعاء، مع قيام السعودية – إضافة الى ست دول عربية أخرى – بالتصويت لصالح الملف الثلاثي المشترك على حساب المغرب. في المقابل، منحت الدوحة صوتها للملف المغربي.
ولقي التصويت السعودي انتقادات في الصحافة المغربية، وصلت إلى حد اعتباره “خيانة”. واتهمت الصحافة المحلية الرياض، حليفة المغرب، بشن “حملة شاملة” لصالح الثلاثي الاميركي الشمالي الذي فاز باستضافة المونديال بهامش 69 صوتا.
ورغم ما تردد عن طلب الجامعة العربية من الدول الأعضاء دعم ترشح المغرب، صوتت سبع دول لصالح ثلاثي المكسيك والولايات المتحدة وكندا، هي السعودية والبحرين والامارات والكويت والعراق والأردن ولبنان.
والخميس، أعلنت وزارة الشباب والرياضة اللبنانية انها أصيبت بـ “مفاجأة كبيرة” جراء تصويت الاتحاد المحلي لصالح المشترك، مشيرة في بيان إلى أن التوجيهات كانت بالتصويت لصالح المغرب.
وقال اولريخسين “سعى السعوديون إلى تحويل التصويت الإقليمي لصالح أميركا لتأكيد نفوذهم الجيوسياسي المتزايد في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، ولتأكيد مسعاهم إلى أن يكونوا أكبر شريك لإدارة ترامب في المنطقة”.
– “المارد السعودي” –
وتتقاطع تطلعات الرياض الإقليمية مع الإصلاحات الواسعة التي تشهدها المملكة سعيا لتنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على النفط.
ووقعت المملكة ممثلة بالهيئة العامة للرياضة، سلسلة اتفاقيات في الفترة الماضية لاستضافة بطولات دولية مثل منافسات المصارعة الأميركية ومنافسات الرياضات الالكترونية، ومن المقرر أن تستضيف العام المقبل نهائي كأس السوبر الإيطالية.
وقالت وولد “هذه الاستراتيجية تروق للسعوديين. الا انني اشكك في فائدة وضع كل راس المال الدبلوماسي والمالي الكبير هذا في الرياضات”.
وأضافت ان ذلك “قد لا يعود بالكسب السياسي الكبير نسبة الى الاموال التي تنفق عليه”.
إلا أن آل الشيخ، المقرب من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والذي يشغل أيضا منصب مستشار في الديوان الملكي، أكد في تصريحات سابقة عزم المملكة على المضي قدما في تعزيز حضورها الرياضي.
وقال في مقابلة مع شبكة “سي ان ان” الأميركية في مايو “لقد كنا نياما لمدة 15 عاما.. ولكننا استفقنا الآن كالمارد السعودي، وسنحقق نتائج ستدهش الجميع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى