زاهي حواس “حارس” الآثار المصرية المثير للجدل
واقفا أمام أبو الهول في الجيزة، يقوم زاهي حواس عالم المصريات ذو الاثنان وسبعون عاما الذي لا يمكن تجاوزه والمثير للجدل أحيانا، بدور المحاضر الرفيع المستوى.
أمام الاهرامات يتخذ عالم الآثار والوزير السابق، الذي تسميه الصحافة أحيانا “انديانا جونز المصري”، وضع التصوير مرتديا قبعة المغامر التي لا تفارقه.
ويقول الرجل الذي لا يخجل من الحديث عن نفسه: “إنها القبعة الحقيقية لعالم الآثار. قبعة هاريسون فورد (الذي جسد دور انديانا جونز في أفلام ستيفن سبيلبرغ) مزيفة”.
الدكتور زاهي حواس — كما يحب أن يلقب — ظهر في عشرات الأفلام الوثائقية حول مصر القديمة وهو كذلك نجم رحلة سياحية فاخرة نظمتها شركة مقرها بولندا.
الرجل الذي يعتبر نفسه “حارس الآثار المصرية”، يتحدث أمام الزوار تارة عن الفراعنة وآلهة قدماء المصريين وتارة أخرى عن نفسه.
–“محرك علم المصريات”–
لم يكن أي شئ يدعو للتكهن بأن زاهي حواس ، وهو ابن مزارع من دلتا النيل، سيصبح “نجما” في علم المصريات: “عندما كنت صغيرا كنت أريد أن أصبح محاميا (..) وكنت تلميذا سيئا جدا”.
وبالصدفة، اقترح عليه بعض زملائه أن يدرس الآثار وهو طريق سلكه بلا اقتناع.
في أحد الأيام وأثناء عملية تنقيب، تملكه الشغف عندما عثر على تمثال: “قلت لنفسي +لقد وجدت عشقي: الآثار+”.
اليوم يوزع زاهي حواس وقته بين مكتبه في القاهرة وتدريبه الرياضي اليومي والمؤتمرات التي يشارك فيها بمصر والخارج ومناطق التنقيب في جنوب مصر.
ويواجه حواس أحيانا اتهامات من أقرانه بأنه رجل أعمال متكبر. ولا ينفي الرجل أن محاضراته التي تبلغ قيمة بطاقة دخولها 150 دولار “مرتفعة الثمن”.
وردا على من يتهمونه بعدم الدقة العلمية، يعدد حواس اكتشافاته الأثرية ويشير الى الجوائز الكثيرة التي حصل عليها والتي تغطي رفوف مكتبه.
ويقول “لقد قمت باكتشافات كثيرة”. ويذكر من بينها مقابر بناة الاهرامات في الجيزة في تسعينات القرن الماضي أو الموميات الذهبية التي تم اكتشافها في الواحات البحرية بصحراء مصر الغربية عام 1996.
وتقول فايزة هيكل استاذة الآثار بالجامعة الأميركية في القاهرة “مثل كل النجوم له معجبون كما أن هناك من ينتقدونه”. وتعتبر هيكل أن أبحاثه العلمية “جادة”.
وتعتقد هوريغ سوروزيان وهي عالمة آثار أرمنية شهيرة تعمل في جنوب مصر أن زاهي حواس هو “بمثابة محرك” لعلم المصريات.
ترأس زاهي حواس المجلس الأعلى للآثار بين عامي 2002 و2011 ثم أصبح وزير دولة للاثار عقب الثورة التي أطاحت حسني مبارك ولكنه ترك هذا المنصب في مارس من العام نفسه.
وواجه زاهي حواس عقب ذلك اتهامات بالفساد. غير أنه يؤكد بثقة أنه “لم تتم أحالة أيا من هذه الاتهامات الى المحكمة”.
ولكن ما هو أكثر ما يفخر به اليوم؟
يجيب حواس أن أهم ما قام به هو تدريب “أكثر من 500 من أفضل الأثريين المصريين” عندما كان مسؤولا عن قطاع الآثار.
ويضيف بأسف “قبلها كنا نقوم فقط بمساعدة الأثريين الأجانب”.
–“اعادة السياح”–
ورغم انه ليست لديه مسؤوليات رسمية، الا أن زاهي حواس يظل مؤثرا.
وفي دوائر الأثريين، من النادر أن تجد من يتحدث عن الرجل. ورفض العديد من الأثريين الإجابة على أسئلة فرانس برس بشأنه.
وأصبح حواس أحد الداعمين للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يحكم البلاد منذ العام 2014.
وقال حواس لفرانس برس إن السيسي “انقذ مصر” معتبرا أن ثورة العام 2011 أعادت مصر 50 عاما الى الوراء”.
وبلا مواربة يقول حواس إن “ثورة حمقاء” حالت دون افتتاح المتحف المصري الكبير في الموعد المحدد عام 2015.
هذا المتحف الضخم الذي يقف وراءه حواس، بات شبه جاهز بالقرب من أهرامات الجيزة وسيتم افتتاحه عام 2020.
ويراهن زاهي حواس على المتحف المصري الكبير لاعادة السياح، خصوصا المعنيين بالسياحة الثقافية الذين هجروا البلاد منذ 2011.
ورغم بدء تعافي السياحة وارتفاع عدد السياح الى 11،3 مليون في العام 2018 الا أن هذا القطاع لم يستعد بعد الانتعاش الذي سجله عام 2010 عندما بلغ عدد الزوار الاجانب 14،7 مليون سائح.
وتقول سوروزيان “يمكننا أن نقول ما نشاء عن زاهي حواس ولكنه يظل أفضل سفير لمصر وللآثار المصرية”.