رأي/ كرونيكفي الواجهة

تصويب واعتذار: محمد محيفظي وليس محمد حفيظ…. العروي هو العروي

نشرنا أمس الخميس هذا الرأي باسم الزمييل والصديق محمد حفيظ، والصحيح أن الرأي هو للصديق محمد محيفظي أستاذ الفلسفة، نعتدر لكل من محمد حفيظ ولمحمد محيفظي، ولقراء “دابا بريس”…

محمد محيفظي

قرأت باستغراب بعض التعليقات على محاضرة العروي الأخيرة..
هذه التعليقات اعتبرت أن العروي قام بنقد ذاتي، تنصل بموجبه من أهم أطروحاته التي ما فتئ يدعو لها منذ ستينيات القرن الماضي..
أفهم أن تصدرهذه التعليقات بعد السماع المباشر في القاعة للمحاضرة، خاصة إذا كان المستمع غير متمرس بفكر و لغة العروي…لكن الآن، تسجيل المحاضرة متوفر، فمن السهل التمحيص و التأكد..
قال البعض إن العروي أقر بأن الدولة الوطنية متجاوزة الآن، و أنه يرى أن المستقبل للقبلية و الفدرالية ( كذا)..
قال البعض الآخر إن العروي يعطي الأهمية الآن لمحاربة الأمية الرقمية ..

و قال البعض الآخر إن العروي أقر بمحدودية التصور الوضعي لمعنى الواقع في زمن الافتراضي …
الاستماع المتنبه للمحاضرة يبين أن العروي قصد العكس:

كان بصدد تدقيق مهمة الكرسي المزمع إنشاؤه لتكريمه، و قال بأن هذا الكرسي سيكون عليه تحليل و تدقيق و مناقشة الأطروحات التي اقترنت به كمفكر ( و قد عددها )..ثم قال أنه سيكون على برنامج الكرسي أن يحاكم هذه الأطروحات يناء على المستجدات العديدة التي حصلت.

بعدها انتقل إلى إعطاء أمثلة على المحاكمات و الانتقادات التي يمكن أن توجه لفكره، معتمدا صيغة : أنت تقول ….لكننا نلاحظ الآن…. و هي – بالمناسبة – بعض الانتقادات المعهودة التي سبق للعروي غير مرة أن رد عليها.. و قد اختار منها:

1 – الدولة الوطنية التي فكرت فيها كأفق تم تجاوزها…

2- تركيزك على مشكلات التعليم كمهمة تنويرية تفتضي محاربة الجهل و الأمية أصبحت متجاوزة ، لأننا الآن أمام مشكلات جديدة يطرحها العصر الرقمي ، و هو ما يعني أن أطروحاتك أصبحت متجاوزة..

3- فهمك الوضعي لمعنى الواقع، و الذي بنيت عليه كل أطروحاتك حول العقلانية و الواقعية و المصلحة و بكلمة التاريخانية، هذا الفهم أصبح الآن متجاوزا في زمن الواقع الافتراضي…

أقر العروي بأنه لا مجال في المحاضرة لمناقشة هذه الاعتراضات، لكنه مع ذلك لم يقاوم إغراء تسفيهها:

1 – تقولون إن الدولة الوطنية تتقكك أمام ناظرينا…صحيح..لكن ما البديل؟ اللادولة؟ الدولة الأممية ؟ ( التساؤل هنا لمن يعرف العروي استنكاري، بل استهزائي حتى)..

2- تقولون أن الملح الآن هو المعرفة الرقمية عوض البدء أولا بما لم ننته بعد من إنجازه ( القضاء على الأمية الأبجدية)…ربما..لكن هل تتصورون أنه بالإمكان التصدي لذلك و نحن لا زلنا غارقين في الأمية..؟؟

3- تتحدثون عن زمن الافتراضي ..جيد..لكن أليست كل منتجات هذا الزمن هي ثمرة العقل التجريبي ؟

هي أسئلة استنكارية ليست جديدة على لسان العروي و على قلمه..و تندرج ضمن رده المعروف على من عابوا عليه تشبثه بالحداثة  في وقت أصبح الحديث فيه عن ما بعد الحداثة..( لسان حاله يقول : تدعون لأندلس إذ حوصرت حلب..).

فكرة أخرى في نفس السياق: حديثه عن مشكلات الترجمة…من خلال كل الآمثلة التي قدم ، أراد أن يؤكد أطروحته الرئيسية: ترجمة الفكر الإنساني للعربية، حين تتم دون تمثل للفكر الغربي و سياقاته ( أي حين تقوم بها ثقافة مفوتة) تكون نتائجها كارثية و مكلفة ( مثال لفظ اللادينية و لفظ اللغة الدارجة)..هذه أطروحة العروي منذ الإيديولوجيا العربية المعاصرة و العرب و الفكر التاريخي…

و إذن فالعروي هو العروي  و ليس هناك أي تراجع و لا هم يحزنون…

هل نعتبر ذلك صمما عند الرجل أمام التحولات العديدة التي جرت منذ ستينيات القرن الماضي إلى الآن؟.

حرص العروي على ذكر تلك الانتقادات، الغرض منه أن يقول أنه يتابع كل تلك المستجدات، لكنه لا يعتبر أنها بالنسبة لواقعنا المتأخر تاريخيا تغير في جوهر طبيعة الإشكالية التي تواجهنا…لذلك قال قبل شهور أنه يأسف أن كتابه الإيديولوجيا العربية لا زال صالحا و راهنيا..

صحيح أن من سمات الفكر اليقظ و النقدي الترحال و التجدد المستمر…لكن من سمات الفكر العميق و الحقيقي أنه لا يجاري الموضات..هذا إن كان فكرا ملتزما صادقا….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى