القيادة الجديدة للاتحاد العام لمقاولات المغرب على محك التحديات المتجددة
بعد أقل من شهرين عن انتخاب الرئيس الجديد للاتحاد العام لمقاولات المغرب، وإعادة تجديد هيئاته، يجد الاتحاد نفسه أمام تحديات وملفات لم تفقد راهينيتها بتعاقب المسؤولين على تدبير شؤونه، وفي مقدمتها المساهمة في تحديث الاقتصاد الوطني، والرفع من تنافسيته في الأسواق الدولية.
فالرهان المطروح أمام الفريق الجديد يبقى كبيرا، بالنظر إلى حجم الطموحات المعبر عنها من قبل أرباب المقاولات في المغرب، حتى تصبح المقاولة الوطنية المحرك الرئيسي للتنمية بالمغرب، وهو ما اختاره الرئيس الجديد المنتخب في يناير الماضي شكيب لعلج ونائبه المهدي التازي، ليكون أولوية برنامج عملهما خلال ولايتهما الحالية، إضافة إلى منح هيئة “الباترونا” دينامية جديدة، وكسب ثقة المقاولين لربح كل الرهانات المطروحة.
عديدة هي الملفات الساخنة التي تنتظر من الاتحاد حلها، والتي يتعين على الهيئات الجديدة الانكباب عليها، وفي مقدمتها الولوج إلى التمويل من طرف المقاولات، خاصة منها المقاولات الصغرى والمتوسطة.
فبعيد أيام قلائل عن انعقاد المجلس الإداري، والذي توج بتجديد هيئات الحكامة للولاية (2020/2023)، لم يتأخر الاتحاد عن الكشف عن عرضه “منصة الطلبية الأولى”، وهو مبادرة موجهة لكل المقاولين الذين سيستفيدون من البرنامج المندمج “انطلاقة” لدعم وتمويل المقالات، فور الحصول على موافقة البنك على التمويل.
ويقترح الاتحاد، عبر هذه المبادرة، مواكبة أصحاب المشاريع الشباب في إطلاق مشاريعهم، وتقديم دعم ملموس لهم في مرحلة ما بعد التمويل، بحيث يضطلع الاتحاد بدور المحفز والمسرع بالنسبة للمستفيدين من برنامج التمويل.
ويقدم هذا العرض تسبيقا نسبته 30 في المائة على الطلبية، وأداء عند التسليم أو الاستلام (لا يوجد أجل للأداء)، علاوة على أنه ستتم رقمنة عملية منح هذه الطلبيات، بعد تفعيل منصة مخصصة لهذا الغرض.
ويستند برنامج “انطلاقة”، الذي يعتبر الاتحاد طرفا رئيسيا فيه إلى جانب متدخلين آخرين، إلى ضمانات قد تصل إلى 80 في المائة، والتي تعتمد بدورها على الحساب المرصد لأمور خصوصية الذي أنشئ بموجب قانون المالية لسنة 2020، والذي يعتبر الركيزة الأساسية للمنتوجات المقترحة التي يبلغ غلافها المالي المعتمد 8 ملايير درهم، منها ملياري درهم مخصصة للعالم القروي على مدى ثلاث سنوات.
وستكتفي البنوك، في إطار هذا البرنامج، بالضمانات المرتبطة بالمنتوج، وتتخلى عن الضمانات الشخصية، بينما سيتم تخفيض أسعار الفائدة إلى أقل من سعر الفائدة الرئيسي البالغ 2,25 بالمائة، حيث تم تحديده في 2 بالمائة على أساس عام، و1,75 بالمائة بالنسبة للعالم القروي، وكذا تخفيض سقف الضمانات المطلوبة حيث سيتم الاكتفاء بالعناصر المرتبطة بالمشروع فقط، وتبسيط مساطر الحصول على التمويل، وتخفيض مهم لأقساط التامين على “الوفاة/ العجز الكلي-القروض” بتطبيق نسبة قسط سنوية لا تتجاوز 0.10 في المائة خارج الضريبة.
وبهذا الخصوص، قام الاتحاد بعقد عدة لقاءات تواصلية، حيث قامت رئاسة هيئة “الباترونا”، مدعومة بالفروع الجهوية وشركائها المنحدرين من آفاق مختلفة، بتنظيم لقاءات جهوية لفائدة المقاولين وحاملي المشاريع الشباب عبر مختلف جهات المملكة.
وتوخت تلك اللقاءات مواكبة المقاولين الشباب عبر فتح باب التواصل معهم بشأن طرق تفعيل برنامج “انطلاقة”، حتى يكون فعالا ومحفزا، انطلاقا من إيمان راسخ بضرورة دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة لضمان استمراريتها في عالم الأعمال.
وضمن برنامجه للثلاث سنوات القادمة، دعا الاتحاد، بشكل واضح، للعمل على بلورة حلول “جريئة” في مجال التمويل، من خلال تحسين جذري لآجال الأداء، ولكل حلقات السلسلة، وفي القطاعين العام والخاص معا، فضلا عن تبسيط المساطر الإدارية.
فتحسين آجال الأداء يعد من الملفات التي انكب عليها الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والتي ما فتئ ينبه إليها، خاصة ما يتعلق بحجم المديونية بين المقاولات، بسبب التأخر في الأداءات، التي بلغت 392 مليار درهم في 2018 ، وأزيد من 420 مليار درهم في 2019.
ويعتبر الاتحاد أن التأخر في الأداء يشكل معضلة حقيقية، لها تأثيرها ليس فقط على سلوك الاستثمار، بل أيضا على استمرارية المقاولات، داعيا إلى مراجعة القانون الخاص بآجال الأداء لمعاقبة المقاولات التي تمتنع عن الأداء، وكذا حماية المقاولات الصغرى والمتوسطة.
وتبعا لهذه المعطيات، تم إرفاق القانون المنظم لآجال الأداء بعقوبات على شكل غرامات مالية لمواجهة المخالفات المتعلقة بالأداء، وهو ما تم التأكيد عليه خلال الاجتماع الثالث لمرصد آجال الأداء، الذي شهد حضورا قويا لممثلي الاتحاد العام لمقاولات المغرب، حيث تم الاتفاق على توجيه حصيلة الغرامات لدعم المقاولات.
فالتمويل، وآجال الأداء، ومنح دينامية جديدة للاتحاد واسترجاع ثقة المقاولات، كلها ملفات تستدعي من الفريق الجديد، في ولايته الحالية، التحلي بروح الإرادة والالتزام لبلوغ الأهداف المنشودة والمساهمة في بلورة وصياغة النموذج الجديد للتنمية بالمغرب.