النمودج التنموي الذي نتحدث عنه…
أن يعلن ملك البلاد فشل النموذج التنموي المتبع… فذلك أمر جيد… وإن كان جاء متأخرا كثيرا.. فهلا فهمنا ما معنى هذا الفشل… اين يتجلى وما هي أسبابه… حتى يمكن إيجاد البدائل المناسبة… فمن المعروف أن النموذج الذي اتبعه المغرب في هذا المجال … ومنذ السبعينات على الأقل… كان هو محاولة تكوين برجوازية محلية.. عبر سياسة المغربة… والنفخ فيها بكل أشكال الدعم الريعية… من إعفاءات ضريبية وصفقات عمومية ودعم مالي مباشر… غير أن هذا لم ينتج في الأخير…سوى برجوازية هجينة …. تعيش على الريع وحماية الدولة لها.. مع ما ارتبط بذلك من استشراء الفساد وعلاقات الزبونية والاتكالية… أو ما نسميه عموما .. المخزن الاقتصادي… ثم مع مجيء العهد الجديد …ان جاءت الخطة الجديدة … بتشجيع ما يسمى بالمهن العالمية للمغرب.. عبر استجلاب بعض الشركات الاجنبية في مجال صناعة السيارات أو الطيران والإلكترونيات… هذه الشركات…وهي تخصص جل منتجاتها الى الاسواق الخارجية… انها جلبت معها جل مزوديها بالقطع الضرورية…من الخارج ايضا… ولم تستطع الانفتاح على ما هو موجود من رأسمال وصناعة محلية… ذلك أن وجد الاقتصاد الوطني نفسه قائما على نوعين من القطاعات .. غير متجانسين فيما بينهما… ولا يربطهما رابط.. في شبه شيفروزينية اقتصادية الاول تقليدي …وموجه بالدرجة الاولى الى السوق الداخلي… او ما يعرف باقتصاد الطلب ذو الخلفية الكينيزية… وهو التوجه الذي ابان عن حدوده.. باعتبار ضيق السوق الداخلية من جهة… واستنفاذ امكانيات التمويل الداخلي او بالاستدانة من الخارج من جهة ثانية… ثم الثاني الموجه الى السوق الخارجية… من اختصاص الشركات الاجنبية… او اقتصاد العرض… الذي لا تأثير له على النسيج الصناعي القديم… ولذلك… يكون الفشل المتحدث عنه… هو في هذه الازدواجية… وعدم القدرة على الدمج بين القطاعين …. اما كيف يمكن حل هذه المعضلة… فذلك ما يتطلب العديد من الاجراءات التي لا يمكن ان تقوم بها غير حكومة مستقلة في قراراتها… وذكية في استشرافها لآفاق تطور الاقتصاد العالمي…
ومن ذلك أولا التخلص من كل مظاهر الريع والفساد الذي تنتعش منه تلك البرجوازية الهجينة القديمة… ثانيا… تشجيع جيل بديل من المستثمرين الجدد. قادرين… على مواجهة المنافسة الخارجية حتى في عقر دارها … في مختلف الأسواق العالمية… ثالثا.. إعادة توجيه الدعم للتكنولوجيات المستقبلية في اقتصاد المعرفة او النانوتكنولوجيا او الفضاء… ذات القيمة المضافة المرتفعة.. رابعا… ان يفترض ذلك… تثمين الرأسمال البشري بالدرجة الاولى… عبر اصلاح حقيقي للتعليم… يخلصه من وضعية الشلل التي كان قد وضعته فيه سياسة الحسن الثاني منذ الثمانينات … حين فصله عن حاجيات الاقتصاد الحقيقية… وعزل المدارس العليا عن الجامعة المغربية… بما يتطلبه ذلك من الاستثمار الكثيف في البحث العلمي.. خامسا.. أن تعود الدولة للعب دورها الريادي بالاستثمار العمومي في القطاعات الاستراتيجية والتكنولوجيات الجديدة… سادسا. وأخيرا… ضرولة البحث عن توسيع السوق الداخلي… عبر الاندماج المدروس في الفضاءات الاقتصادية الجهوية… مثل تكتل غرب السيدياو… أو التكتل المغاربي.. باعتبار ان لا صناعة جديدة يمكن لها بعد اليوم… ان تربح رهان المنافسة العالمية… … ما دامت لم تثبت فعاليتها أولا… في سوق داخلية لا تقل عن 100 مليون نسمة…