رأي/ كرونيك

إلى الصديق خالد البكاري وجائزة  ساخروف والآخرين

 

أشهد أنك منذ البدايات الأولى لحراك الريف انخرطت بقلمك وقلبك وحركيتك في دعم هذا الحراك والدفاع عنه، وحاولت تقريب البعض من البعض حتى لا يتسلل الوهن والضعف إلى صمود أهل الريف من نافذة التخوين والتشكيك…

لكن لنترك هذا جانبا لأنه ليس بخاف على أحد ودعنا نتحول مباشرة إلى موضوع جائزة ساخروف.

صديقي سأقول لك ودون مواربة أنك سقطت في شرك تقديس فعل إنساني يحتمل الصواب كما الخطأ، وبذلك وضعت العقل ومستلزماته جانبا ولطخت سمعة الموضوعية التي يلصقها بك غير كثير من الناس بوحل لغة الفقه والجبر.

 

فما معنى أن تقول أن دعم ناصر الزفزافي لنيل جائزة ساخروف هو فرض عين؟! إنك بهكذا قول تسمح لنا بأن نشير إليك بفقيه ومفتي الحراك، لأن قولك لا يليق بأحد يفترض أنه واحد من رعاة الحق في الاختلاف وما جاوره من حقوق الإنسان.

 

خالد، تحدثت كثيرا عن معرفتك أنت وجهل اليسار “القديم” بخبايا الجائزة وإنجازات مناضلي الخارج والحسابات الدقيقة للسياسة والدبلوماسية….طيب، سأطرح عليك الأسئلة التالية: هل ليس من الغرور والاستعلاء أن تضع معرفتك بتفاصيل الأشياء في كفة ومعرفة تنظيمات بأكملها وبمناضليها وذاكرتها في كفة أخرى؟! وهل نحتاج أن نذكرك بأن لليسار الذي تحدث عنه بقليل من الاحترام فروع بالخارج ومناضلون من جيل جديد أغلبهم يصغرك سنا ويكبرك تحررا من الماضي وجراحاته وحروبه الباردة والساخنة؟!،  وهل تعلم أن جزء غير يسير من نشطاء الحراك بالخارج ارتبطوا باليسار الذي تقسو عليه وتربوا في حضنه ومنهم من لا زال في دائرة هذا اليسار الذي أفقدك موضوعيتك؟! ، وهل تعلم أننا لما اعتبرنا أن جائزة ساخروف ليست من أجندة اليسار لم نفكر بردة فعل أصدقائنا بالخارج لأن علاقتنا معهم لم تكن يوما قائمة على مبدأ النصرة الذي لا ينتمي لثقافتنا والذي تريده أنت يتسلل إلى قاموسنا؟! وهل لديك علم بأن التهافت وتهافته في موضوعنا يعني البحث عن رضا ومباركة من يعتبر ماسكا بخيوط الحراك حتى يضمن بقاءه في دائرة الضوء ولا ترميه سيول شعبية الزفازافي الجارفة في بحر النسيان؟!

صديقي، لا أحاول إفهامك بأن للناس الحق في إنتاج مواقفها وأن حقك في نقاش هذه المواقف غير قابل للتفاوض لأن هذا من تحصيل الحاصل ليس إلا. لكن ما أريدك أن تلتقطه هو أن دفاعك عن الحراك من بوابة جائزة ساخروف ونافذة قصف اليسار لا يخدم لا الحراك ولا وحدته ولا وضعك كشخص ساهم إلى وقت قريب بشكل إيجابي في تقريب المسافات وليس التأسيس لتعميق الجراحات.

خالد، للمدافعين عن جائزة ساخروف ألف حجة ولك أنت هذه الحجج وعمودك في أخبار اليوم وصفحتك في الفايسبوك وموائد مستديرة يملك اليسار بعضها…كل هذا لا شك فيه. ولكن هل تعلم أن جائزة ساخروف ليست سوى حبة رمل في صحراء حراك الريف وأن عقارب نضال المغاربة لن تتوقف عند بوابة البرلمان الأوروبي يوم 10 ديسمبر؟! وهل تدري صديقي أن اليسار الذي وضعته كله دون خبر يقين في سلة الاتحاد السوفياتي المشمول برحمة الله كان وسيظل ملجأ وسند المناضلين والمدونين الشرفاء حتى وإن جاروا عليه بجهلهم لتاريخه ونكران تضحياته…؟! فهل تعلم هذا يا خالد؟؟؟

وحتى لا أطرح عليك كل الأسئلة، اسمح لي أيها الصديق في الأخير أن أعترف لك أنني، وعلى غرار الكثير من الرفاق “التقليديين” لما سمعت ما قاله أب الزفزافي في حق اليسار “تقلقت” كثيرا ولكن وضعه كوالد مكلوم كانت حجتي في تفهمه وعدم الوقوف كثيرا عند تصريحه، ولكنني لم أجد لك أنت كثيرا من الأعذار لما رفعت يدك اليمنى لتصفع بها خدك الأيسر. لم أجد لك عذرا لأنني فهمت أنك إنسان متجرد من القبيلة ومتسلح بالموضوعية ولا تخشى على موقع وتمارس السياسة بكثير من الطهرانية وقليل من الشعبوية و”تحراميات”. وأتمنى أن يكون ما فهمته هو الحقيقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى