CDT: نقابة التعليم..منهجية تدبير أزمة كورونا يخيب أمال المغاربة ويظهر جوهر السلطة الاستبدادية
رفض المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، إجراء الاقتطاع الإجباري من أجور الموظفين للمساهمة في صندوق كورونا، معتبرا أنه يفقد العملية مضمونها التضامني، والذي ترجمته، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمساهمتها المالية ومساهمة قياداتها ومناضليها ومساهمة النقابات الوطنية، ودعوتها الأجراء إلى الانخراط الطوعي في هذا الصندوق التضامنيـ، منددة بانفراد وزارة التربية الوطنية بإجراءات تدبير وضع قطاع التعليم، في لحظة وطنية استثنائية تتطلب الارتقاء بالإشراك، المغيب أصلا، ووضع المصلحة العامة فوق أي اعتبار.
في السياق ذاته، أكدت النقابة الوطنية للتعليم، العضو في الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، أن منهجية تدبير مواجهة الوباء، سواء ما يتعلق بإقصاء تمثيلية المركزيات النقابية من لجنة اليقظة الاقتصادية، والاقتطاع الإجباري للموظفين للمساهمة في الصندوق التضامني، ومشروع قانون مصادرة الحق في التعبير وتكميم الأفواه، رقم 22.20، والانفراد في تدبير ملف التعليم، دون الإشراك والتشاور مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، وجشع القطاع الخاص، كل ذلك خيب آمال المغاربة وأظهر جوهر السلطة الاستبدادية الميالة تاريخيا إلى توظيف الأحداث والأزمات للتضييق على الحريات والتراجع عن المكتسبات لتأبيد التحكم والسلطوية.
وأضاف المكتب الوطني للنقابة، في اجتماعه المنعقد يوم 8 ماي2020 عن بعد، والذي تداول فيه تطورات جائحة كورونا (كوفيد19) وتداعياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على العالم، والمتمثلة في شل الحركة الاقتصادية وفقدان الشغل، واختفاء مهن، وانتشار البطالة، وإحداث تغيير في أنماط الحياة وإرباك العلاقات الجيوسياسية، والتي كشفت عن عمق أزمة الرأسمالية وعجزها عن حماية الإنسان المغيب في برامجها بخلفية الانحياز للرأسمال المتوحش القاتل لمفهوم الدولة الاجتماعية.
البيان، الذي توصلت “دابا بريس” بنسخة منه، أشار أن النقابة وبعد أن توقفت عند الوضع الوطني الذي كشفت جائحة كورونا عن أعطابه وهشاشته، أطهر مصداقية ومشروعية مطلب الديموقراطية والعدالة الاجتماعية للخروج بالمغرب من واقع التأخر والتخلف، كما خلقت الجائحة، يضيف البيان، لحظة وطنية اتسمت بإجراءات وتدابير استباقية محمودة، ومبادرات مجتمعية تضامنية عقد عليها أمل استخلاص العبر، وتوفر الإرادة والعزيمة للمضي قدما بتعبئة وطنية لمواجهة الجائحة، وانطلاق حوار وطني واسع، بهدف التفكير الجماعي في مستقبل المغرب، بما يقطع مع الماضي ويعيد الاعتبار للإنسان بوضعه في قلب السياسات العمومية وتوسيع الحريات العامة والفردية، وإطلاق سراح معتقلي حراك الريف وجميع معتقلي الرأي، إلا أن منهجية تدبير الجائحة ذهب في غير ذلك.
في نفس السياق، أوضح المكتب الوطني أنه توقف عند الوضع التعليمي، و الذي ظل يشكو من أزمة هيكلية شكلت عائقا رئيسيا أمام التقدم والتنمية، و كذا تعاطي العقل السياسي للدولة مع المنظومة التعليمية التي واجهتها بكل الوسائل القمعية والتدجينية لتكريس الجهل الممأسس كأحد مرتكزات الاستبداد، الشيء الذي أجهض النهضة المأمولة، وهو الثمن الذي يؤديه المغرب اليوم من خلال ترتيبه المخجل في الذيل على مستوى التنمية البشرية.
إلى ذلك أفاد المصدر ذاته، أن جائحة كورونا كشفت أن الاستثمار في الرأسمال البشري والرهان الاستراتيجي على التعليم العمومي ليس ترفا، فالبشرية اليوم تعلق كل آمالها على البحث العلمي والابتكار والاكتشاف في المختبرات للخروج من حالة الرعب والذعر وخطر الموت، وأنه و رغم هذا الزلزال الحاصل تصرفت وزارة التربية الوطنية بنفس العقلية التي أنتجت الانحطاط المأزوم، فاستفردت بكل القرارات والتدابير في استخفاف كلي بالنقابات التعليمية، دون فتح قنوات التواصل والتشاور، والحال، يشير البيان، أن مصلحة المغرب ومستقبله تستوجب الإشراك الحقيقي.
في السياق ذاته، قالت نقابة التعليم، أن الجائحة أظهرت أيضا أن تجربة التعليم عن بعد – وإن كان إجراء ظرفيا – محدوديته بالنظر أنه لا يمكن أن يكون بديلا عن التعليم الحضوري، لأن الشروط اللوجستيكية والبيداغوجية لم تتوفر، مما حرم العديد من التلاميذ من حقهم في مواصلة الدراسة وهو مس صريح بمبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ المساواة .
بيان نقابة التعليم، اعتبر التعليم عن بعد ليس بديلا عن التعليم الحضوري، مؤكدة أنه لم ولن يرقى إلى مستوى ضمان المساواة وتكافؤ الفرص، مما يستلزم الاستبعاد الكلي لهذه الفترة من عملية التقويم، منوهة بشكل عالي، من جهة، بالمجهود الجبار الذي بذله الأساتذة والأستاذات، وباقي الأطر الإدارية والتربوية، بإمكانياتهم الخاصة، بروح وطنية عالية، من أجل ضمان الاستمرارية البيداغوجية، ومتأسفة لكون نسبة التغطية ظلت ضعيفة، بسبب وضع العوز الذي تعيشه جل الأسر المغربية. منهة إلى عواقب التسرع في عودة التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية، دون ضمان شروط السلامة الصحية، للتلاميذ وللمدرسين والإداريين، أولا وأخيرا، ومحذرة من المغامرة بتحويل المؤسسات التعليمية إلى بؤر أخرى لانتشار الوباء، تنضاف لبؤر جشع الرأسمال في عدد من المؤسسات الصناعية والخدماتية.
هذا واستنكرت النقابة، استناذا للمصدر ذاته، كل القرارات والإجراءات والقوانين الرامية إلى الإجهاز على المكتسبات والحقوق والتضييق على الحريات، من قبيل مشروع القانون 22.20، معلنة رفضها للردة الحقوقية ومعلنة أنها ستواجهها بكل الصيغ النضالية، مطالبة بإطلاق سراح معتقلي حراك الريف وكل معتقلي الرأي، وإسقاط جميع المتابعات التي يتعرض لها المناضلون النقابيون، وآخرها متابعة رضوان الكنوني بفاس ورشيد توكيل بالشماعية، سهام مقريني بالدريوش، معلنة التضامن المطلق معهم.
وفي الأخير طالب البيان، وزارة التربية الوطنية باتخاذ إجراءات عملية، وتقديم أجوبة ملموسة في شأن الملفات العالقة، عبر إخراج المراسيم ذات الصلة، والإفراج عن الترقيات والتسويات المادية المستحقة لأصحابها، داعية الأجهزة النقابية والشغيلة التعليمية إلى مواصلة التعبئة والمتابعة الدقيقة لمختلف التطورات والاستعداد لمواجهة كل المحاولات الرامية إلى الإجهاز على المكتسبات والحقوق، والتضييق على الحريات ،والدفاع عن تعليم عمومي مجاني جيد للجميع.