كوفيد 19.. واشنطن العائق الأكبر أمام نظام عالمي أفضل
وسط تفشي مرض فروس كورونا الجديد (كوفيد-19) الذي يعصف بالعالم، فقد حوالي 300 ألف شخص حياتهم، وأغلق العديد من الشركات والمصانع الأبواب، وتوقفت عمليات التبادل عبر الحدود تقريبا، فضلا عن أن أسوأ ركود منذ الكساد العظيم في الثلاثينيات، يلوح في الأفق.
لقد كشف هذا الوضع المضطرب غير المسبوق النقائص في النظام العالمي الحالي.
ففي حين أن هناك حاجة إلى نظام حوكمة عالمي أكثر فاعلية أكثر من أي وقت مضى، في عصر تتنامي فيه التعددية والعولمة الاقتصادية، وتتصاعد فيه التحديات الأمنية غير التقليدية، أصبحت الولايات المتحدة، القوة العظمى الوحيدة في العالم، أكبر عائق أمام نظام عالمي أفضل.
ومنذ وصولها إلى السلطة، قوضت الإدارة الأمريكية الحالية بشكل متكرر نظام الأمم المتحدة، وأصبحت معادية، بشكل متزايد، تجاه التعددية.
لقد خرجت من اتفاقية باريس بشأن المناخ، وتركت الاتفاق النووي الإيراني، وتركت هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية، مشلولة.
وفي الآونة الأخيرة، قرر البيت الأبيض إلغاء التمويل المقدم لمنظمة الصحة العالمية، وهي المنسق الصحي العالمي الوحيد، الذي يمكن للمجتمع الدولي الاعتماد عليه للإرشاد في مكافحة المرض العالمي.
لقد قامت الأمم المتحدة ووكالاتها، التي تعد ركيزة مهمة للنظام العالمي القائم الذي ساعدت الولايات المتحدة في بنائه في سنوات ما بعد الحرب، دورا حاسما على مر العقود في التخفيف من حدة النزاعات، وتيسير الإغاثة الإنسانية، والحد من الفقر والجوع، ومناصرة التجارة الحرة والتنمية المستدامة.
إن منظومة الأمم المتحدة ليست مثالية، لكنها لا تزال لا يمكن استبدالها في بناء توافق عالمي وتنسيق الجهود العالمية لإصلاح المشكلات العالمية.
ينبغي على واشنطن أن تتخلى عن نهجها الانفرادي في السياسة الخارجية، وأن تقدم مزيدا من الدعم للأمم المتحدة حتى تتمكن المنظمة العالمية من أداء دورها بشكل أفضل.
إن الشيء الأكثر إلحاحا الذي يتعين على الولايات المتحدة القيام به هو إعادة تمويلها لمنظمة الصحة العالمية. وفي الوقت نفسه، حاول البيت الأبيض التنصل من مسؤولياته العالمية المستحقة من حيث توفير نصيبه العادل من المنافع العامة العالمية.
وفي المعركة الحالية ضد المرض، لم تفشل الولايات المتحدة في تحفيز حملة عالمية جماعية للتغلب على مسببات الأمراض الفتاكة فحسب، بل أصبحت مركزا عالميا للمرض.
وعلاوة على ذلك، فقد رفضت الاعتراف بسوء إدارتها لتفشي المرض، وشنت حملة تشويه ضد الصين، ومنظمة الصحة العالمية، لإلقاء اللوم عليهما، ورفضت الاستجابة لدعوة منظمة الصحة العالمية لمبادرة عالمية لتطوير العلاجات واللقاحات التي يحتاجها العالم على وجه السرعة.
لقد أساءت الولايات المتحدة، أيضا، استخدام نفوذها في مؤسسات بريتون وودز مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما الجهازان الأساسيان لنظام الحوكمة العالمية الحالي، لتحقيق مكاسب خاصة بها.
وفي الشهر الماضي، أفادت وكالة ((بلومبرج)) ووسائل إعلام أمريكية أخرى بأن الإدارة الأمريكية خططت لمنع طلب قروض طوارئ بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي من صندوق النقد الدولي لإيران.
وعلقت مجلة ((فوربس)) الأمريكية بأن صندوق النقد الدولي أصبح ساحة معركة جديدة لواشنطن وطهران. وعلى مر السنين، كانت واشنطن عائقا أيضا في دفع بعض الإصلاحات التي طال انتظارها والتي توقفت طويلا لدى تلك الهيئات المالية العالمية الرئيسية.
وليس ثمة شك في أن المرض الذي يجتاح العالم سوف يغير العالم بشكل أو بآخر. وهذا شيء لايمكن لأحد أن يغيره. لكن ما يمكن القيم به هو أن كل دول العالم بمقدورها معا أن تجعل عالم ما بعد المرض عالما أفضل للجميع.