ثقافة وفنون

بقلم كاتبة سورية: الدراما المغربية تحقّق انتشارها العربي عبر “شهادة ميلاد”

رغم النجاح الذي حقّقته الدراما المغربية محليا، تبقى غائبة عربيا، ليس فقط بسبب اللهجة كما يعتقد البعض، وإنما بسبب عامل آخر أكثر تأثيرا عليها، ألا وهو التوزيع وعدم وجود قنوات كافية للعرض، من هناك تأتي أي تجربة درامية خارج صندوق القنوات المحلية، مهمة وخطوة في طريق الانتشار. مسلسل “شهادة ميلاد” واحد من تلك الأعمال الدرامية التي قدّمت على شاشة “أم.بي.سي.5” الموجهة لخدمة الإنتاج المغاربي. “العرب” التقت الفنانين المغربيين سعاد خيي وفريد الركراكي للحديث عن الدراما وعن تجربتهما في المسلسل.

بقلم لمى طيارة
كاتبة سورية

لمعت السينما المغاربية وأثبتت حضورا قويا، ليس فقط في المهرجانات العربية، بل أيضا في المهرجانات الأوروبية، وحصدت العديد من الجوائز. لكن الدراما المغربية على العكس من ذلك، ما زالت تعاني من غربة وبُعد حقيقي وإشكالي عن الجمهور العربي، وتأتي تجربة “شهادة ميلاد” وغيرها من الأعمال المغربية غير التقليدية لتقلب الآية ولتضع موطئ قدم للدراما المغربية على الساحة الفنية.

وتدور أحداث مسلسل “شهادة ميلاد” والمكوّن من 60 حلقة، حول عائلة ثرية تكتشف إثر موت عميد أسرتها، أن ابنها الأكبر ليس هو الابن الحقيقي وأنه تم استبداله في المشفى بناء على طلب الوالدة، لتبدأ رحلة البحث عن الابنة البيولوجية الوريثة الشرعية.

والمسلسل مليء بالأحداث الدرامية ومشاهد الأكشن، عبر سيناريو يجمع بين العمل الدرامي-الاجتماعي والبوليسي المليء بالمفاجآت والتشويق والإثارة.

قصص عديدة ومتنوعة ومترابطة، تنطلق من استبدال رضيع والتي ترتب عنها عواقب اجتماعية وأخلاقية قد تتجلى في اختلاط الأنساب أو تفكيك الأسر. وتفرّعت عنها قضايا الفساد والانتقام والنصب والاحتيال.

بين قبول ورفض

”شهادة ميلاد” قامت بتنفيذه كاملا شركة سبيكتوب فاطمة بنكيران، بينما أنتجته شركة الصباح اللبنانية، من تأليف حمد بوفتاس، وإخراج مشترك بين حميد زيان وإلهام العلمي، ومن بطولة فاطمة خير إلى جانب كل من سعاد خيي، عبدالإله رشيد، فريد الركراكي، أحلام الزعيمي، رشيد فكاك، هشام الوالي وياسين أحجام.

فريد الركراكي

يقول فريد الركراكي وهو ممثل ومخرج سينمائي ومسرحي وأحد أبطال العمل “سعيد جدا بالتجربة، خاصة أن العمل عرض على قناة عربية معروفة لها تاريخ وجمهور واسع، صحيح أن الدراما المغربية قطعت شوطا كبيرا، وأثبتت وجودها محليا. لكنها ما زالت تشكو من مسألة الانتشار، ونحن كفنانين ‘ممثلين مخرجين كتاب وحتى تقنيين’ نحتاج لقنوات كـ’أم.بي.سي.5’ لعرض إنتاجاتنا للعالم العربي، وليس فقط للجمهور المحلي”.

وأضاف “صحيح أيضا، أن السينما المغربية كانت محظوظة لأنها كانت دوما حاضرة في المهرجانات العربية والعالمية. ولكن الدراما لم يسعفها نفس الحظ، وكنا دائما نشعر بالحسرة أننا كمغاربة نعرف الكثير حول الدراما العربية سواء كانت مصرية أو سورية أو خليجية أو جزائرية وغيرها. لكن بالمقابل الطرف الآخر لا يعرف الكثير عنا، وبطبيعة الحال لم يكن بإمكان منتج مغربي القيام بتلك الخطوة أو التجربة الإنتاجية، لكن مع وجود قناة ‘أم.بي.سي.5’ تحقّق هذا الأمر الذي نتنمى له الاستمرار”.

ورغم الجماهيرية التي حقّقها العمل أثناء عرضه سواء عبر الفضائيات أو المنصات البديلة، قوبل بانتقاد كبير من بعض النقاد المغاربة، عن ذلك يقول محدثنا “أي عمل سواء كان تلفزيونيا أو سينمائيا لا بد وأن يتعرّض للنقد، سواء كان نقدا إيجابيا أو سلبيا، وربما يعود السبب بالدرجة الأولى للسياسة التي اتبعتها قناة ‘أم.بي.سي.5’ في بث العمل قبل أيام قليلة جدا من حلول شهر رمضان، ممّا جعله سبّاقا في جذب الجمهور وهذه النقطة ربما خلقت هجوما مسبقا حوله”.

ويؤكّد الركراكي أن البعض لم يتعوّد على مشاهدة النجوم المغاربة في أعمال درامية غير تقليدية، مضيفا “شخصيتي في العمل على سبيل المثال مختلفة تماما عن جميع الشخصيات التي قدّمتها خلال مسيرتي الفنية الممتدة لـ25 عاما، في النهاية ما يهمنا كصناع عمل هو الجمهور الذي تابعه بشغف، وكان ينتظر حلقاته يوميا، وأنا شخصيا تصلني يوميا العشرات من الرسائل التي تسأل عن موعد بث الجزء الثاني منه، وهذا أكبر دليل على نجاحه”.

وفريد الركراكي القادم من عالم الفن الرابع ما زال يعتقد أن المسرح هو المعلّم، لأن العرض المسرحي يقدّم بشكل مباشر للجمهور، فلا مجال للخطأ أو الإعادة، وهو أجمل ما يميّزه، وممكن عبر المسرح أن يُخلق الممثل المتمكن. ولكنه يرى من جانب آخر أن تجربة العمل في المسرح والسينما والتلفزيون تخدم بعضها البعض بالنسبة للممثل، في كونها تشكل عنصرا جاذبا له جماهيريا، خاصة إذا ما تعلّق الأمر بالمسرح، فرغم الدعم الذي يتلقّاه المسرح من الدولة يبقى على عاتق الممثل والمخرج وكل القائمين على العرض المسرحي مهمة جذب الجمهور وإحضاره للمسرح.

ويؤكّد “أن الفرقة المسرحية التي لديها جمهور كبير تعني أنها فرقة جادة ولها تاريخ، وفرقتي التي أعمل فيها منذ سنوات ‘إيسيل للمسرح’ قد فرضت وجودها على الساحة الفنية بسبب المواضيع الهامة التي تعرضها على الصعيدين السياسي والاجتماعي”.

أما بالنسبة لتجربته في الإخراج السينمائي، سواء في مجال الأفلام الروائية القصيرة أو الوثائقية، فيقول الركراكي “كان لديّ الرغبة في إخراج فيلم سينمائي، وحين أتيحت لي الفرصة في العام 2014 لخوض ورشة تكوين في مجال الإخراج والسيناريو من قبل جمعية فرنسية تنظم مهرجانا سينمائيا كبيرا، تمكّنت من تصوير فيلمي القصير الأول، وكان بالنسبة لي تجربه مهمة جدا، ومن ثم أخرجت عدة أفلام، استمدت قصصها من الواقع، كما أخرجت فيلما وثائقيا بعنوان ‘أهلا بك في الجحيم’ حول قضية وطنية متعلقة بالبوليساريو والاختطافات التي حصلت في السبعينات”.

عودة موفقة

أما بالنسبة للفنانة سعاد خيي، التي ابتعدت نسبيا عن الدراما التلفزيونية منذ عملها الأخير “حياة جديدة” 2016، فتقول “لم يكن الابتعاد عن التلفزيون برغبتي، في الحقيقة لم يصلني السيناريو الذي يقنعني بالعودة، وبهذه المناسبة أشكر المخرج هشام جباري والفنانة فاطمة خير والمنتجة المنفذة فاطمة بن كيران، لأنهم السبب في وجودي ضمن أسرة المسلسل”.

وتضيف “إن وجود قناة مثل ‘أم.بي.سي.5’ سيفتح نافذة جديدة للدراما المغربية، وشركة الصباح التي تنتج أعمالا بشكل مستمر ودون ارتباط بموسم درامي معين، من شأنه أن يؤمّن فرص أوسع وأشمل للعاملين في حقل الدراما في المغرب من فنانين وفنيين على حد سواء”، مؤكدة على نقطه هامه تتعلق بها وتهمها كممثلة سواء كانت تعمل مع قنوات مغربية محلية أو مع “أم.بي.سي.5’، ألا وهي جودة السيناريو والشخصية أو الدور الذي ستؤديه بكل إخلاص ومهنية وحرفية.

أما بالنسبة للنقد السلبي الذي تلقاه العمل من قبل النقاد على اعتباره عملا غير تقليدي بعيدا إلى حد ما عن البيئة المحلية، فتقول سعاد خيي “الاختلاف في المضمون ما بين مسلسل ‘شهادة ميلاد’ وغيره من الأعمال التقليدية بسيط جدا، لأننا في النهاية ومثل أي عمل درامي نتوجه إلى الجمهور العربي الذي تجمعنا به ثقافة ومبادئ مشتركة. لكن المختلف في هذا العمل حقيقة كان فقط على صعيد الصورة، فالعمل صوّر بتقنيات سينمائية متطوّرة، وبالنسبة للنقد الموجه له فأعتقد أنه مبكر جدا، خاصة أن الجزء الثاني من العمل لم يعرض بعد”.

وبالنسبة للغربة التي تعاني منها الدراما المغربية، تقول خيي “صحيح أن موضوع اللهجة وخاصة استخدام الدارجة المغربية ضمن الأعمال الدرامية يشكل حاجزا وعزوفا من قبل الجمهور العربي. لكن الحل الوحيد يكمن في الاستماع لتلك الدارجة والتعوّد عليها تدريجيا، كما حصل على سبيل المثال مع الدراما الخليجية التي باتت مفهومه بالنسبة لنا كمغاربة”.

سعاد خيي

وعن واقع الدراما المغربية بشكل عام، خاصة في ظل وجود قنوات ومنافذ تنافسية جديدة اليوم، تقول سعاد خيي “تشهد الدراما المغربية تطوّرا كبيرا في تاريخها، على صعيد التقنيات والإنتاج وعلى صعيد الورق (السيناريو)، فلقد أصبحنا نقرأ مواضيع مهمة مكتوبة بحرفية وذلك بسبب وجود بعض الكتّاب الشباب، وهذا العام ازدحمت القنوات المغربية بالإنتاج الدرامي، وحظيت بمتابعه كبيرة جدا من قبل الجمهور، لذلك يمكن أن نعتبر أن ‘أم.بي.سي.5’ كفضائية ومنصة عرض بديلة، هي إضافة وقيمة جديدة لقنواتنا، ووجودها سيفتح المجال أمام المنافسة الشريفة للوصول إلى الجمهور المغاربي بالدرجة الأولى والعربي بالدرجة الثانية، ما يهمنا بالنهاية كممثلين هو الإنتاج الدرامي المغربي سواء الذي يقدّم على قنواتنا المحلية أو منافسيها”.

المصدر: صحيفة العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى