أستاذي عمر الراضي..من أين علي أن آتي بالكلام…
أستاذي عمر الراضي:
من أين يأتي الكلام؟ من أين عليّ أن آتي بالكلام؟ هل عليْنا أن ننتظر متى تهدأ كلّ هذه النّار، كي نستطيع أنْ نحوّل رمادنا إلى إدانات ونذور! هل عليْنا أن نتحمّل كل هذه العاصفة، وننحنِي حتّى يُقال عنّا: كم صبروا.
أشعرُ بالعار، وأنت تقدّم حياتك قُربابًا لآلهة نصبتْ نفسها، وبايعتها النّفاثات في العقد.
أشعُر بغصة في قلبي، وفي حلقي، وإنّما أخجلُ أن تذهب إلى زنزانتك، هكذا مستقيمًا، وشفافا إلا من الأسئلة الستة، ومن ارهاق ساعات التحقيق الطويلة.
أستاذي عمر:
لا أعرفُ ماذا يكتب تلميذ لأستاذه، وهو يخطُو في الممر الضيّق، إلى حيثُ تضيقُ المساحة، وتكبُر الفكرة. لقد أخذوك منا وعنا، وكانوا يفتشون في قميصك، عن حبوب منع الحمل، وعن رائحة سائلك المنوي، وأثر الرّمل في الجوارب، كانوا يصفقون الأبواب، ككل ريح تمزجرُ بالويل والحديد، ظنوا أنّنا سنفزع.
إن رفعت لنا شارة النّصر، رفعنا لك نشيد الحناجر، وإن قلتَ لنا: سأذهبُ ساخر، قلنا لك: بك نُفاخر!
أستاذي عمر:
في ليلتك الأولى، داخل الزنزانة، ليلة العيد، أقُول لك: “لا نلتقي إلاّ وداعاً عند مُفْتَرَقِ الحديث
لا تَحْتَرِقْ لتضىء أُمَّكَ،
تلك مِهْنَتُها الجميلةُ. لا تحنَّ إلى مواعيد
وانطلِقْ كالمُهْرِ في الدنيا.
عبءَ قلبِكَ وَحْدَهُ.. وارجع إذا
اتَّسَعَتْ بلادُكَ للبلاد وغيَّرتْ أَحوالَها”
••
تلميذك: سعيد غيدَّى