في الواجهة

محمد (ص) الذي أعرفه… والذي قتل المدرس ببشاعة باسم محمد….لا يعرف نبيه

الذين رسموا محمدا ا(ص) لم يعرفوه حق المعرفة، لهذا هم رسموا شخصا آخر في خيالهم، تكونت صورته عندهم مما ظنوه إسلاما في التدين الشعبي والخطاب المتطرف، والدم المراق باسم الاسلام… وفي صورة المسلم الفولكلورية..

الذي ذبح المدرس الفرنسي دفاعا عن محمد، هو نفسه قتل من أجل صورة عن محمد خيالية في عقله صاغها التاريخ السياسي الإسلامي وليس الإسلام، صورة خرجت مزيفة عن نبي الرحمة والعدل والمحبة والعفو من فتاوى خرقاء وفقه مسيس وأفهام معطوبة…

ذبح نفسا بريئة من دون وجه حق… لأنهم حولوه وحشا… بخطاب عاجز عن تجاوز الكراهية… وصنعوا له قضية وهمية…. وخصما وهميا…

الذين رسموا محمدا وأرادوا الإساءة إليه، رسموا شخصا آخر، ظنوا أنه محمد… شبه إليهم… رسموا ملمحا استمدوا وجوده من تاريخ العنف والدم باسم الإسلام. في معارك دنيوية منذ الفتنة..

ذاك الرسم ليس رسم محمد… لأنهم رسموا شخصا آخر لا نعرفه…. رسموا محمد الذي تخيلوه من كل هذا الهرج المثار حول السلطة باسم السماء…

وذاك الشاب الذي ذبح بريئا، باسم محمد… أخطأ… لأنه… قتل من أجل محمد آخر في خياله…محمد الذي يعرفه هذا الشاب… ليس محمد القرآني..
هو ملمح في عقله ووجدانه كما رسمته الأحاديث المزيفة… وشطحات سيرة ابن هشام… ونصوص فقهية تخدم السلطان أو الاهواء…
هي معركة وهمية…..

لا أحد يعرف محمد غير ربه الذي اصطفاه وأرسله رحمة للعالمين…

لمعرفة محمد …. زوروه في واحات القرآن… ابتعدوا عن مشانق الفقه ومصائد التراث الأسود… وحمامات الأحاديث العمياء..

محمد الذي.. في القرآن لا في السير والفتاوى ونصوص الفقه الغارقة في التخلف…هو محمد الذي فتح مكة… وعفا وصفا…
حتى فرنسا لا تعرف محمدا… فمحمد الذي يكرهونه هو رجل آخر صنعه التراث والتاريخ السياسي والصراع حول النفوذ والسلطة….

نحن لم نكره عيسى عليه السلام… رغم دماء الحروب الصليبية التي ابتعدت بدعة الحرب المقدسة باسم الصليب… لم نكره عيسى رغم ما انتجه العقل المسيحي من ويلات ومآسي رفع فيها الصليب، من نازية ويمين متطرف، قهر الشعوب وقطع الرؤوس وأباد العرقيات باسم التعميد… واستعبد السود… قتلهم شنقا…وصلبهم وأحرقهم على الصليب… وطاردهم في البراري تتعقبهم الكلاب… وباسم الدين جلدهم و خطفهم من قراهم البعيدة، واغتصب نساءهم… باسم المسيح…عليه السلام…العقل الغربي الذي أعطانا أرسطو ونيتشه وديكارت و كانط وهيجل… وبالزاك وزولا… ومبادئ الثورة الفرنسية… ووثيقة استقلال الولايات المتحدة.. هو نفسه الذي يذهب للقداس كل أحد… وهو نفسه الذي أشعل العالم حربا… وعلى كل منصة… يستحضر المسيح ظلما…مسيحهم الذين صنعوه… وليس ابن مريم هبة السماء والعزاء والبهاء..

لأننا نعلم أن عيسى الحقيقي… ليس عيسى الذي يتم استغلال اسمه في النفوذ والاحتلال والقهر.. ليس عيسى الذي يصلب باسمه الزنوج… بمباركة القس أحيانا… بل هو عيسى كلمة الله… التي نشرت المحبة… ليس عيسى المبشرين في أدغال إفريقيا ولا الكهنة الذين يباركون الأسلحة… ويرشون الماء المبارك على الذبابات…

ليس عيسى مسؤولا عن حماقات العقل الغربي… في العراق وسوريا وليبيا…وكل دولة احتلت باسم نقل حضارة الإنسان الأبيض…أو نشر الديمقراطية…
ألم يكن المبشرون في خضم الأحداث…؟

لكننا نعلم أن عيسى بريء من شطحات العقل الغربي، ولو أقسم على الإنجيل… واعتبر معارك النفوذ معارك مقدسة…

إنه عيسى… عليه السلام… كما عرفناه في القرآن… وليس كما رسمه التاريخ حول السلطة والنفوذ باسمه…

لأننا نعرف عيسى القرآني… عيسى المحبة والسلام… عيسى.. الذي لم يترك كنسية… ولا معبدا… بل بشر ووعد. وكل إرثه نور وحب يكفيان كل القلوب…
من أحب المسيح وعرفه حق المعرفة… لا يؤدي ذبابة…
فهل عرفوه حق معرفته…؟

لهذا هم لم يسيئوا إلى محمد.. لقد شبه إليهم… فسخروا من الرجل الخطأ.. ليست هناك قضية…. مادام محمد عصيا على التنميط والتصوير والإساءة
لو عرفوه حق معرفته… لأحبوه… لكنهم يعرفون عنه ما يظنون أنه منه وهو….

والذي قتل المدرس ببشاعة باسم محمد…. لا يعرف نبيه… يؤمن بنسخة مزيفة عنه… صورة ثم تغييرها وطمسها عبر الزمن…

محمد…الذي أعرفه… ليس الرسمة الرديئة جماليا وفنيا التي فشل مضمونها الجمالي قبل الدلالي، وليس الصورة المزيفة التاريخية والفقهية.. التي في عقل القاتل…
محمد سيظل عظيما ولو بمقاييس دنيوية..
هامش: اللهم صل وسلم على من أرسلته رحمة وبشيرا ونذيرا للعالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى