اقتصادمجتمع

احتلال الفضاء العام.. أفسحوا الطريق للمواطنين!

“إنها معاناة حقيقية تفاقم من حدة وضعيتي؛ فكثيرا ما أجد نفسي مضطرا لمشاركة الطريق مع الدراجات، بل وحتى مع المركبات، وهو ما يعرضني لخطر الدهس، بسبب استحالة السير على الرصيف المخصص للراجلين!”. إنها صرخة رجل مقعد، في الأربعينات من عمره، مصاب بالشلل.

عبد الله، وغيره كثيرون، يعانون يوميا من تطاول المقاهي والمطاعم وغيرها من المتاجر والمحلات، واستغلالها غير القانوني للممرات والشوارع وحتى الأرصفة.

وأعرب عن أسفه جراء المعاناة المزدوجة التي يعيشها قائلا “نحن الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة أكبر المتضررين من هذا المفهوم للعيش المشترك داخل المجتمع. فحقنا في التجول منتهك دون أن تتم محاسبة المخالفين”.

وفي إحدى المقاهي المطلة على الشارع بسلا، على مقربة من عدة إدارات عمومية، يتم وضع الكراسي والطاولات خارج المساحة المرخص بها. أما السنتيمترات القليلة التي تفصلها عن الرصيف فتحتلها الدراجات النارية الخاصة بالزبناء، والتي تزاحم السيارات المصطفة أمام المقهى، مما يجبر الراجلين على المكابدة لشق طريقهم عبر هذه المتاهة.

“هذا أمر غير مقبول!”، تصرخ إحدى المارة، وهي تدفع عربة طفلها، حين اضطرت للتوقف أمام المقهى، لعلها تجد آذانا صاغية. ورد عليها مسير المقهى قائلا “لدينا جميع التراخيص اللازمة”، مشيرا إلى أنه ما باليد حيلة أمام اجتياح الأشخاص لقارعة الطريق، وبالتالي تضييق الهامش الضئيل لمرور المواطنين.

وبالفعل، تقوم مصالح البلدية بإصدار تراخيص قصد الاستغلال المؤقت للفضاء العام، وذلك وفقا لدفتر تحملات ومقابل رسوم محددة سلفا، بيد أن دفاتر التحملات هاته لا يتم احترامها في أغلب الحالات، إذ يسعى المستفيدون من هذه التراخيص، لأغراض تجارية، لتحقيق أكبر قدر من الربح. وأمام هذا الوضع، فإن المراقبة والزجر تظلان الطرق الفعالة للحد من هذا التطاول.

وفي هذا الصدد، تطلق السلطات المحلية، بين الفينة والأخرى، حملات زجرية لتحرير الفضاءات العامة، من خلال اتخاذ إجراءات قد تصل إلى حجز الكراسي والطاولات المنتشرة على الطريق العام، وحتى هدم البناء الفوضوي الذي يعيق انسيابية حركة الراجلين.

وفي كثير من الأحيان، يتم تحرير محاضر في حق المخالفين بموجب القرار الصادر عن البلدية والذي يحدد شروط الاستغلال المؤقت للفضاء العام وتلك الخاصة بالقرار المتعلق بالنظافة الذي تم اعتماده في فبراير 2018.

وعادة ما يتم إطلاق هذه الحملات بناء على شكاوى يتقدم بها السكان أو فاعلون في المجتمع المدني.

وفي هذا الصدد، سلط الكاتب العام للمجلس الجهوي للمجتمع المدني لجهة الرباط-سلا-القنيطرة، رشيد الكسية، الضوء على ضرورة أن تتحلى السلطات المحلية بإرادة حقيقية لوضع حد لهذه الظاهرة المنتشرة في كل مدن المملكة.

وأعرب عن أسفه، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قائلا “إنه ورش نشتغل عليه بقوة، وقد شرعنا في اتخاذ عدة خطوات في هذا الاتجاه، ولكن مبادراتنا لا تؤثر بالشكل الكافي أمام تعنت المخالفين”، داعيا إلى تضافر جهود جميع الفاعلين المعنيين، لا سيما المسؤولين المنتخبين، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين المتعنتين، لضمان استعمال سليم وجماعي للفضاء العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى