كومينة يكتب: الاعتراض على تقنين “الكيف” إنتاجا وتصنيعا..ليس فقط ضربا من الجنون بل هو دعم للريع والعصابات الإجرامية
هل يوجد عاقل على وجه الأرض، أو حتى “اهبيل” باقي عندو شي نقشة اديال لعقل كتمشي وتجي، يمكن أن يعارض تقنين إنتاج وتصنيع وتسويق أي منتج طبيعي أو غير طبيعي و تحريره من ممارسات القطاع غير المنظم و سيطرة العصابات الاجرامية؟.
ويصبح هذا السؤال أكثر إلحاحا لما يتعلق الأمر بالكيف أو القنب الهندي الذي يعتبر المغرب، بحسب عدد من التقارير الدولية، أكبر منتج له في العالم، وهو ماليس مؤكدا مادامت المعطيات المتعلقة بعدد من دول آسيا وأمريكا غير مضبوطة.
ذلك أن التقنين، وبغض النظر عن المشروع الذي يندرج في إطاره اليوم، مطلوب مادام مستحيلا القضاء على زراعة تعيش منها ساكنة عدد من مناطق شمال المغرب مباشرة، أو بشكل غير مباشر، عبر أيام العمل التي توفرها سنويا للساكنة القروية، ومادام الاعتماد فقط على الجانب الجنائي قد أثبت عدم جدواه وفتح المجال لعلاقات موغلة في الفساد بين من يتولون نظريا محاربة زراعة الكيف أو الاتجار فيه وفي مشتقاته وبين الفلاحين والمهربين والمحولين.
اما الآن وقد صار الاتجاه عالميا نحو رفع المنع عن استعمال الكيف و قامت الامم المتحدة بإخراجه من لائحة المخدرات القوية و بدات صناعة صيدلية وغذائية مهمة تقوم على أساس مادته الأولية في بلدان لا تنمو فيها العشبة طبيعيا، كفرنسا وهولندا وغيرها، مع ما يترتب على ذلك من ارتفاع للطلب، فإن التقنين بالطريقة المناسبة لهذه المعطيات وليس لفترة الحماية او العقود الاولى بعد الاستقلال يصبح ملحا، وبغض النظر عن وجود مشروع للتثمين الصناعي و تطوير الصناعة الصيدلية.
وكل اعتراض على ذلك سيكون بمثابة دعم، حتى في حال انتفاء النية، لممارسات من شأنها ان تجعل الاجرام ياخذ حجما يصير معه الزجر الجنائي غير فعال، مادام الأمر يتعلق بملايير الدولارات، اذ يقدر دوليا ما ينتجه المغرب من الكيف ومشتقاته ب 23 مليار دولار سنويا حاليا، و بالاغتناء السريع والسهل لبعض الفئات، بما فيها رجال السلطة والدرك والبوليس و المخازنية .. وايضا السياسيين والبرلمانيين…الخ.
ويكتسي التقنين اليوم أهمية خاصة أيضا في ضوء وجود، أو ما قيل عن وجود، نية في استغلال هذا المنتج الطبيعي، الذي يمكن إنتاجه بشكل أكبر عندما يصبح منظما ومقننا، في صناعات دوائية سواء كانت في شكل منتجات منتهية الصنع او منتجات وسيطة تساير الطلب العالمي و تسوق بطرق مشروعة ومنظمة وفقا للقواعد والمعايير التي تحتكم اليها التجارة داخليا وعالميا، وتجلب للبلاد العملة الصعبة بشكل قانوني ودون خشية الاتهام بتبييض الاموال او التهديد بالادراج في القوائم الرمادية او السوداء، حيث سيكون الشركاء الخارجيون على نفس درجة مسؤولية المنتجين والمصدرين المغاربة.
وسيتيح التقنين و لاشك الاهتمام بزراعة الكيف على نحو مغاير، وذلك بتطوير البحث الزراعي في هذا المجال و الاعتناء بخصوصية النبتة المغربية وخصوصياتها، باعتبارها منتجا بيولوجيا، وبوضع معايير مغربية وبالمجالات التي تنتج فيها وبالساكنة التي تنتجها، وباقرار علامة جغرافية معروفة عالميا..فلا شئ اخطر من ان يترك الحبل على الغارب ومن الاستمرار في الرهان على الجنائي لحل مشكلة ذات تعقيدات غير قابلة للاختزال فيما هو جنائي.
ومع ذلك، يجب القول بأن التأطير الجنائي يجب أن يظل حاضرا للحيلولة دون تكون عصابات خطيرة تستغل الفلاحين وتهرب المخدرات و تحتفظ بأموال المهرب في الخارج و تدخل في ممارسات إجرامية من شأنها أن تخلق وضعيات شبيهة بتلك التي نشات في بعض بلدان امريكا اللاثنية كالمكسيك وكولومبيا وغيرها وجعلت الامن العام يعاني من الهشاشة، وأيضا للحيلولة دون تواطؤ بين ممثلي الادارة والامن والدرك والاحزاب و المنتخبين مع تلك العصابات او لجوئهم هم انفسهم الى ممارسات تندرج في اطار الاجرام والابتزاز والارتشاء، بحيث يلزم ان تتم مراجعة اساليب مراقبة من ستسند لهم مهام المراقبة و ان يحال دون دخول هؤلاء الاخيرين في علاقات مشبوهة، وهو ما لن يكون سهلا، كما لم يكن كذلك،بالنظر الى ان الاموال الرائجة والقابلة للرواج ضخمة.
إن ربط زراعة الكيف بالصناعة والتصدير يمكن أن يوفر للبلاد فوائد كبرى، وهذا ما سبق لي التأكيد عليه قبل مشروع القانون المثير للجدل بمدة على صفحتي في الفايسبوك، في شكل دعوة، شرط أن يتمم التقنين بسلامة ومصداقية البنيات الادارية المكلفة بالمشروع، وهنا مربط الفرس. ذلك أن ثقافة الريع تجعل كل الانحرافات ممكنة.